لا يخفى.
وأما ثانيا فلأنه على التقادير لا دلالة للآية على مدح أبي بكر ولعلهم توهموا هذا من الوصف العنواني في لفظي الفضل والسعة وجهلوا أن مثل هذا الوصف قد يعرض للكافر السخي الذي له فضل حاجة وغنى وسعة بل قد يجتمع مع الذم فيقال إن القوم الفلاني مع كونهم من أولي الفضل والسعة يبخلون بما آتيهم الله تعالى ويقال إن أبا بكر المتمول عند أهل السنة وأضرابه من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد بخلوا عند نزول آية النجوى عن تقديم صدقه بين يدي النبي صلى الله عليه وآله حتى نسخت الآية فافهم ومن العجب أن فخر الدين الرازي قال في تفسيره لهذه الآية أولا أن المراد من قوله تعالى " ولا يأتل أولو الفضل " لا يقصروا في أن يحسنوا فحمل الفضل على الإحسان والإعطاء ثم نسي ذلك بعد سطور وأصر في أن المراد بالفضل زيادة الثواب أو العلم مع أن الفضل بهذين المعنيين لا يظهر لهما وجه ههنا إذ كثير من أهل الفضل بمعنى زيادة الثواب أو العلم لا يقدرون على إنفاق الرحم وصلتهم بل على أقل من ذلك وهو ظاهر.
وأما ثالثا فلأنا نترقى عن ذلك ونقول بل الآية قادحة في أبي بكر لاشتمالها على نهيه تعالى عما أتى به أبو بكر من الحلف على أن لا ينفق مسطحا ومن معه كما روي في شأن النزول فدلت الآية على معصية أبي بكر وما أجاب به الرازي المتسمى بالإمام في هذا المقام " من أن النهي لا يدل على وقوعه إذ قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم " ولا تطع الكافرين والمنافقين " ولا يدل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم أطاعهم،. إلى آخره " مدخول بأن مجرد النهي وإن لم يدل على ذلك إلا أن ما رواه هذا المجيب ههنا من شأن النزول صريح في الوقوع حيث قال: لما نزلت آية الإفك قال: أبو بكر لمسطح وقرابته: قوموا فلستم مني ولست منكم، ولا يدخلن على أحد منكم فقال أنشدكم مسطح الله. والإسلام وأنشدكم