والنظر إلى وجهه الكريم وما يفيده خطابه القويم مقدار عشرة ليال كما نقله ابن المرتضى من أهل السنة في تفسيره والزمخشري الحنفي في الكشاف حتى ينزل آية أخرى ما نصب (1) على ذلك محال أن ينفق مثلا ذلك المال الذي رووه لأحد ومن عجيب مناقضتهم ما رووه بقولهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى " ووجدك عائلا فأغنى " قال ابن عباس أغناه بأن جعل دعوته مستجابة فلو شاء أن يصير الجبال ذهبا لصارت بإذن الله تعالى " فمن يكون كذلك كيف يحتاج إلى مال أبي بكر وكيف يقال نقض تفسيراتهم لهذه الآية أن أبا بكر أغناه، وأيضا يتوجه أن من أنفق المال العظيم على رجل محال أن لا يعرف موطنه وحيث أنفقه ولسنا نعرف أن لرسول الله صلى الله عليه وآله موطنا غير مكة والمدينة فإن زعموا أن أبا بكر أنفق هذا المال بمكة قبل الهجرة قيل لهم على ما أنفق هذا المال؟ وفيم صرفه؟ هل كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة من الحشم والعيال ما أنفق عليهم هذا المال كله من زمان إسلام أبي بكر إلى وقت الهجرة؟ فهذا من أبين المحال وإن قالوا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جهز الجيوش في مكة بذلك المال ظهر فضائحهم لأنه بإجماع الأمة لم يشهر سيفا بمكة ولم يأمر به ولا أطلق لأصحابه محاربة أحد من المشركين بها وإنما كان أسلم معه إذ ذاك أربعون رجلا فلما اشتد عليهم الأذى من قريش وشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ولى عليهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأخرجهم معه إلى أرض النجاشي ملك الحبشة فكانوا هناك إلى أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفتح كثيرا من فتوحه فقدموا عليه بعد سنين من الهجرة ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة الخاص والعام أغنى قريش بعد تزويجه بخديجة وكانت خديجة باقية إلى سنة الهجرة لا يحتاج مع مالها إلى مال غيرها حتى لقد كان من استظهاره بذلك عن أبي طالب ع أن ضم علي بن أبي طالب عليه السلام إلى نفسه تخفيفا بذلك عن أبي طالب
(٣٢٥)