صلى الله عليه وآله تأخر عنه في الدخول. وأما التفاوت بحسب الشرف والرتبة فلم يستعمل الآية فيها ولا هو لازم منها وإلا لزم أن يكون المعنى على ما أوضحناه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤخر عن أبي بكر في الشرف والفضل وهذا كفر صريح كما لا يخفى فاتضح أن استعمالهم لتلك العبارة في شأن أبي بكر وتداولها في مدحه على رؤوس منابرهم إنما هو حيلة منهم في إيهامهم للعوام أن صريح عبارة الآية نازلة في شأن أبي بكر وأنه ثاني اثنين النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جميع الأمور وقد بينا بحمد الله تعالى ضعف حيلتهم ووهن وسيلتهم.
وأما الثالث فلأن الصاحب المذكور في متن ما نقله من الإجماع على تقدير صحة النقل أعم من الصاحب اللغوي والاصطلاحي كالمذكور في أصل الآية وحينئذ لا فضيلة فيه لأبي بكر إذ لا مانع من أن يكون صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمعنى كافرا أو فاسقا كيف وقد سمى الله تعالى في محكم كتابه أيضا الكافر صاحبا لهم كما في قوله تعالى عن لسان يوسف عليه السلام " يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار؟ " وقد صرح القاضي البيضاوي في تفسيره وغيره بأن المراد يا صاحبي في السجن وحينئذ تسمية أبي بكر بالصاحب لا تدل على إسلامه وسلامته فضلا عن أن تدل على فضله وكرامته فأي فضيلة في آية الغار يفتخر فيها لأبي بكر؟ لولا المكابرة والعناد أو البعد عن فهم المراد ولقد ظهر بما قررناه أنه إنما يلزم من الإجماع المذكور بعد صحته تكفير من أنكر صحبة أبي بكر مطلقا لا صحبته بالمعنى الاصطلاحي المتنازع فيه. وأما ما أخرجه ابن أبي حاتك عن ابن عباس فالمنافاة فيه ظاهرة ولو وافق فيه لابن عباس جميع من في الدنيا وإنما يندفع لو لم يكن نزول السكينة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعاقبه مع أنه قد وقع حكاية نزولها عليه في مواضع من القرآن كما سيأتي ولا ريب في أن ارتكاب انفكاك الضمير بلا قرينة ظاهرة لا يليق بفصيح الكلام فضلا عن أفصح الكلام. وأما ما ذكره من " أن جلالة ابن عباس قاضية بأنه لولا علم،. إلى آخره "