أب عن جد إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام من غير التفات إلى غيرهم كما علم بتتبع أحوالهم فما نقله عن لسان بعض الأئمة موضوع عليه قطعا. ومنها أن قوله " وما أحسن ما أبطل به الباقر هذه التقية المشومة،. إلى آخره " يتوجه عليه بعد تسليم صحة النقل أنه لا حسن فيه للناقل لظهور أنه كلام مجمل مبهم يليق صدوره بشأن الواقع في مقام التقية وقد أشرنا أيضا إلى أن سطوة أولياء الشيخين، والمعتقدين لبراءة سيرتهم عن الشين، كانت تقوم مقام سطوتهما وأكثر. وأما ما نقل عن دعاءه عليه السلام على هشام، فلا يجدي فيما له من المرام، لأن كثيرا من ملوك بني أمية لم يكونوا قادرين على مؤاخذة الأشراف بمجرد صدور إنكار منهم بالنسبة إليهم وإنما كانوا يجعلون القدح في الشيخين أو تهمة القدح فيهما وسيلة إلى المؤاخذة بالقتل والحبس ونحوهما ويؤيد هذا ما جرى في بعض أيام الحج من تنحي المسلمين عن طريق مولانا زين العابدين عليه السلام هيبته منه ليسهل له استلام الحجر مع عدم تيسر ذلك لهشام، وانتظاره التام لدفع الازدحام وجرأة فرزدق الشاعر في إنشاده حينئذ على هشام ما تضمن مدح زين العابدين عليه السلام وذم هشام وهذه القصة مع القصيدة مشهورة مذكورة على السنة الأنام على وجه سيذكرها هذا الشيخ في فضائل أهل البيت عليهم السلام. ومنها أن ما ذكره بقوله " فما أحوج عليا أن يقول ذلك تقية إلى آخره " مردود بما سبق مرارا من وجوه متعددة ذكرنا فيها ما أحوجه عليه السلام إلى ذلك وحاصله ما روى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أوصى عليا عليه السلام لما احتاج إليه في وقت وفاته عرفه جميع ما يجري عليه من بعد من أمر واحد بعد واحد من المستولين فقال له علي عليه السلام على ما تأمروني أن اصنع فقال تصبر وتحتسب إلى أن يعود الناس إليك طوعا فحينئذ تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ولا تنابذن أحدا من الثلاثة فتلقي بيدك إلى التهلكة ويرتد الناس من النفاق إلى الشقاق فكان علي عليه السلام
(٢٨٥)