بعض، والثابت في هذا عن ابن عمر رضي الله عنه وهو عالم أهل المدينة في عصره ما حدثناه عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب نا أحمد بن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم ابن الحجاج نا محمد بن المثنى نا محمد بن جعفر نا شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه فقيل لابن عمر: ما صلاحه؟
قال: تذهب عاهته) * قال أبو محمد: تأملوا هذا فان ابن عمر روى نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه وفسر ابن عمر بأن بدو صلاح الثمر هو ذهاب عاهته، فصح يقينا أن العاهة وهي الجائحة لا تكون عند ابن عمر الاقبل بدو صلاح الثمر وانه لا عاهة ولا جائحة بعد بدو صلاح الثمر وهذا هو نص قولنا والحمد لله رب العالمين، ولا يصح غير هذا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم * ومن تناقض المالكيين في هذا انهم يقولون فيمن باع ثمرا قد طاب أكله وحضر جداده فأجيح كله أو بعضه: لم يسقط عنه لذلك شئ من الثمن وهذا خلاف كل ما ذكرنا آنفا من الموضوعات جملة * فان احتجوا في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الثلث والثلث كثير) قلنا: نعم هذا في الوصية ولكن من أين لكم أن الكثير من الجوائح يوضع دون القليل حتى تحدوا ذلك بالثلث؟ وأنتم تقولون في غنى له مائة ألف دينار ابتاع ثمرا بثلاثة دراهم فأجيح في ثلث الثمرة ثم باع الباقي بدينار: انه توضع عنه الجائحة، وتقولون في مسكين ابتاع ثمرة بدينار فذهب ربعها ثم رخص الثمر فباع الباقي بدرهم: انه لا يحط عنه شئ والكثير والقليل إنما هما بإضافة كما ترى لا على الاطلاق، ثم لو يلبثوا أن تناقضوا أسمج تناقض وأغثه وأبعده عن الصواب للمرأة ذات الزوج أن تحكم في الصدقة بالثلث من مالها فأقل بغير رضى زوجها ولا يجوز لها ذلك فيما كان أكثر من الثلث الا باذن زوجها فجعلوا الثلث ههنا قليلا كما هو دون الثلث (1) وجعلوه في الجائحة كثيرا بخلاف ما دونه، ثم قالوا: إن اشترط المحبس مما حبس الثلث فما زاد بطل الحبس فان اشترط أقل من الثلث جاز وصح الحبس فجعلوا الثلث ههنا كثيرا بخلاف ما دونه، ثم قالوا: من باع سيفا محلى بفضة أو مصحفا كذلك يكون ما عليهما من الفضة ثلث قيمة الجميع فأقل فهذا قليل ويجوز بيعه بالفضة وإن كان ما عليهما (2) من الفضة أكثر من الثلث لم يجز أن يباعا بفضة أصلا فجعلوا الثلث ههنا قليلا في حكم ما دونه، وأباحوا أن يستثنى المرء من ثمر شجره ومن زرع أرضه إذا باعها مكيلة تبلغ الثلث فأقل ومنعوا من استثناء ما زاد على الثلث فجعلوا الثلث ههنا قليلا في حكم ما دونه،