فلا يحل خلاف ما فيهما، وعلى كل حال فلا حجة فيهما لقول مالك بن هما حجة عليه لأنه ليس فيهما تخصيص ثلث من غيره فنظرنا هل جاء في هذا الحكم غير هذين الخبرين؟ فوجدنا ما روينا من طريق مسلم نا قتيبة بن سعيد نا ليث بن سعد عن بكير - هو ابن الأشج - عن عياض بن عبد الله بعن أبي سعيد الخدري قال: أصيب رجل [في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم] (1) في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لغرمائه] (2): خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك) فأخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماله كله لغرمائه ولم يسقط عنه لأجل الجائحة شيئا فنظرنا في هذا الخبر مع خبري جابر المتقدمين فوجدنا خبرين من طريق جابر. وأنس قد وردا ببيان تتألف به هذه الأخبار كلها بحمد الله تعالى كما روينا من طريق مسلم حدثني أبو الطاهر انا ابن وهب أخبرني مالك عن حميد الطويل عن أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يزهى (3) قالوا: وما يزهى قال تحمر أرأيت إذا منع (4) الله الثمرة بم تستحل مال أخيك؟) * ومن طريق أحمد بن شعيب أخبرنا قتيبة نا سفيان - هو ابن عيينة - عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر: (ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع [الثمر] (5) السنين) فصح بهذين الخبرين أن الجوائح التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضعها هي التي تصيب ما بيع من الثمر سنين وقبل أن يزهى وان الجائحة التي لم يسقطها وألزم المشترى مصيبتها، وأخرجه عن جميع ماله بها هي التي تصيب الثمر المبيع بعد ظهور الطيب فيه وجواز بيعه وبالله تعالى التوفيق * وأيضا فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا) فلم يخص عليه السلام شجرا في ورقه من ثمر موضوع في الأرض (6) وهم يخصون ذلك بآرائهم، فقد صح خلافهم لهذا الخبر وتخصيصهم له وبطل احتجاجهم به على عمومه والاخذ فيه (7)، وأمر بوضع الجوائح ولم يذكر في ثمر ولا في غيره ولا في أي جائحة هو، فصح أنهم مخالفون له أيضا وبطل أن يحتجوا به على عمومه وصار قولهم وقولنا في هذين الخبرين سواء في تخصيصهم الا أنهم خصوهما بلا دليل * قال أبو محمد: والخسارة لانحطاط السعر جائحة بلا شك وهم لا يضعون عنه شيئا لذلك، وأما قولهم على البائع أن يسلمها طيبة إلى المشترى فباطل ما عليه ذلك إنما عليه أن يسلم إليه ما باع
(٣٨٥)