أوردنا فظهر تناقضهم وأنهم لا يثبتون على أصل * قال على: وأما نحن فنقول: إن الله تعالى افترض على رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبين لنا ما نزل إلينا وما ألزمنا إياه ولم يجعل علينا في الدين من حرج، وقول القائل: عهدة الرقيق ثلاث كلام لا يفهم ولا تدرى العهدة ما هي في لغة العرب وما فهم قط أحد من قول قائل عهدة الرقيق ثلاثة أيام أن معناه ما أصاب الرقيق المبيع في ثلاثة أيام، فمن مصيبة البائع ولا يعقل أحد هذا الحكم من ذلك اللفظ، فصح يقينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقله قط ولو قاله لبين علينا ما أراد به، ولا يفرح الحنيفيون بهذا الاعتراض فإنه إنما يسوغ ويصح على أصولنا لا على أصولهم لان الحنيفيين إذ رزقهم الله تعالى عقولا كهنوا بها ما معنى الكذب المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن البتيراء حتى فهموا أن البتيراء هي أن يوتر المرء بركعة واحدة لا بثلاث على أن هذا لا يفهمه انسى ولا جنى من لفظة البتيراء، ولم يبالوا بالتزيد من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاخبار عنه بما لم يخبر به عن نفسه، فما المانع لهم من أن يكهنوا أيضا ههنا معنى العهدة؟ فما بين الامرين (1) فرق، وأما نحن فلا نأخذ ببيان شئ من الدين الا من بيان النبي صلى الله عليه وسلم فقط فهو الذي يقوم به حجة الواقف غدا بين يدي الله تعالى لا بما سواه * وأما المالكيون فهم أصحاب قياس بزعمهم وقد جاء الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في البيع فقاسوا عليه الشفعة في الصداق بآرائهم، وجاء النص بتحديد المنع من القطع في سرقة أقل من ربع دينار فقاسوا عليه الصداق ولم يقيسوا عليه الغصب (2) وهو أشبه بالسرقة من النكاح عند كل ذي مسكة عقل، وقد جاء النص بالربا في الأصناف الستة فقاسوا عليها الكمون.
واللوز. فهلا قاسوا ههنا على خبر العهدة في الرقيق سائر الحيوان؟ ولكن لا النصوص يلتزمون ولا القياس يحسنون * ومن طرائفهم ههنا أنهم قاسوا من أصدق امرأته عبدا أو ثمرة بعد أن بدا صلاحها فمات العبد أو أبق أو أصابه عيب قبل انقضاء ثلاثة أيام وأجيحت الثمرة بأكثر من الثلث فللمرأة القيام بالجائحة ولا قيام لها في العبد بعهدة الثلاث فكان هذا طريفا جدا، وكلا الامرين تعلقوا فيه بخبر وعمل ولا فرق * وأما احتجاجهم بأن عهدة الثلاث إنما جعلت من أجل حمى الربع فلا يخلو من أن تكون هذه العلة مخرجة من عند أنفسهم أو مضافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بد من أحدهما، فان أضافوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك كذبا بحتا موجبا للنار، وإن كانوا أخرجوها من عند أنفسهم قلنا لهم: فلم