وشهرا بشهر وعاما بعام وفى كل ساعة وكرة الطرف لا تخلو ذمته من حق لها في ماله بخلاف منعه من مالها جملة. وتحريمه عليه إلا ما طابت له نفسها به ثم ترجو من ميراثه بعد الموت كما يرجو الزوج في ميراثها ولا فرق، فإن كان ذلك موجبا للرجل منعها من مالها فهو للمرأة أوجب وأحق في منعه من ماله الا باذنها لان لها شركا واجبا في ماله وليس له في مالها الا التب والزجر فيا للعجب في عكس الأحكام. فإن لم يكن ذلك مطلقا لها منعه من ماله خوف أن يفتقر فيبطل حقها اللازم فأبعد والله وأبطل أن يكون ذلك موجبا له منعها من مال لا حق له فيه ولاحظ الاحظ الفيل من الطيران، والعجب كل العجب من اطلاقهم له المنع من مالها أو من شئ منه وهو لو مات جوعا أو جهدا أو هزالا أو بردا لم يقضوا له في مالها بنواة يزدردها ولا بجلد يستتر به فكيف استجازوا هذا؟ ان هذا لعجب! فبطل تعلقهم بهذا الخبر جملة * وأما قول الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) فان الله تعالى لم يخص بهذا الكلام زوجا من أب ولا من أخ، ثم لو كان فيها نص على الأزواج دون غيرهم لما كان فيها نص ولا دليل على أن له منعها من مالها ولا من شئ منه، وإنما كأن يكون فيه أن يقوموا بالنظر في أموالهن وهم لا يجعلون هذا للزوج أصلا بل لها عندهم أن توكل في النظر في مالها من شاءت على رغم أنف زوجها ولا خلاف في أنها لا ينفذ عليها بيع زوجها لشئ من مالها لا ما قل ولا ما كثر لا لنظر ولا لغيره ولا ابتياعه لها أصلا، فصارت الآية مخالفة لهم فيما يتأولونه فيها، وصح أن المراد بقول تعالى: (الرجال قوامون على النساء) ما لا خلاف فيه من وجوب نفقتهن وكسوتهن عليهم، فذات الزوج على الزوج وغير ذات الزوج ان احتاجت على أهلها فقط وبالله تعالى التوفيق، فصارت الآية حجة عليهم وكاسرة لقولهم * وأما حديث أبي هريرة فان يحيى بن بكير رواه عن الليث وهو أوثق الناس فيه عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه: (ولا تخالفه في نفسها وماله بما يكره) وهكذا رويناه أيضا من طريق أحمد بن شعيب انا عمرو بن علي نا يحيى - هو ابن سعيد القطان - نا ابن عجلان نا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة:
(سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خير النساء؟ قال: التي تطيع إذا أمر وتسر إذا نظر وتحفظه في نفسها وماله) (1) ثم لو صح ومالها دون معارض لما كان لهم في تلك الرواية متعلق لان هذا اللفظ إنما فيه الندب فقط لا الايجاب وإنما الطاعة في الطاعة والمنع من الصدقة