الثلث فقد أبطلوا قياسهم * والرابع أنهم يجيزون للمرأة ثلثا بعد ثلث ولا يجيزون ذلك للمريض فجمعوا في هذا الوجه مناقضة القياس. وابطال أصلهم في الحياطة للزوج لأنها لا تزال تعطى ثلثا بعد ثلث حتى تذهب المال إلا ما لا قدر له وهذا تخليط لا نظير له، فان قالوا: قسناها على الموصى قلنا: المنفذ غير الموصى ودخل عليهم كل ما أدخلناه آنفا في قياسهم على المريض، فان قالوا: إن للزوج طريقا في مالها إذ قد تتزوج بالمال فسنذكر ما يفسد به هذا القول إن شاء الله تعالى إثر هذا في كلامنا على من يمنعها من الحكم في شئ من مالها لان هذا الاحتجاج إنما هو لهم لا للمالكيين بل هو عليهم لأنه لو صح لكان موجبا للمنع من قليل ما لها وكثيره لكن نسألهم عن الحرة لها زوج عبد والكافرة لها زوج مسلم والتي تسلم تحت كافر هل لهؤلاء منعهن من الصدقة بأكثر من الثلث أم لا؟ فان قالوا: لا تناقضوا وان قالوا: نعم زادوا أخلوقة، فان قالوا: هي محتاجة إلى ما يتقرب به إلى الله عز وجل فلم يجز منعها من جميع مالها وكان الثلث قليلا قلنا: هذا يفسد من وجوه، أحدها أنها إن كانت محتاجة إلى ما يتقرب به إلى الله تعالى فما الذي أوجب أن تمنع من التقرب إلى الله تعالى بالكثير الزائد على الثلث كغيرها ولا فرق؟ وثانيها أن نقول لهم: والمحجور السفيه محتاج باقراركم إلى ما يتقرب إلى الله تعالى به كما توجبون عليه الصلاة. والصيام.
والزكاة والحج. وسائر الشرائع فأبيحوا له الثلث أيضا بهذا الدليل السخيف نفسه، فان قالوا: المرأة ليست سفيهة قلنا: فأطلقوها على مالها ودعوا هذا التخليط بما لا يعقل * وثالثها (أن النبي صلى الله عليه وآله قال: الثلث والثلث كثير) فقلتم: أنتم أنه قليل وحسبكم هذا الذي نستعيذ الله من مثله، ورابعها أن الثلث عند كم مرة كثير فتردونه كالجوائح ومرة قليل فتنفذونه مثل هذا الموضع وشبهه، فكم هذا التناقض والقول في دين الله تعالى بمثل هذه الآراء؟ وخامسها أن حجة الزوج في مالها كحجة الولد. أو الوالد. أو الأخ بل ميراث هؤلاء أكثر لان الزوج مع الولد ليس له الا الربع وللولد ثلاثة الأرباع، والوالد. والولد كالزوج في أنهم لا يحجبهم أحد عن الميراث أصلا فامنعوها مع الولد.
والوالد من الصدقة بأكثر من الثلث بهذا الاحتياط الفاسد لا سيما وحق الأبوين فيما أوجب عندهم وعندنا من حق الزوج لان الأبوين ان افتقرا قضوا بنفقتهما وكسوتهما واسكانهما وخدمتهما عليها في مالها أحبت أم كرهت، ولا يقضون للزوج في مالها بشئ ولو مات جوعا وبردا، فكيف احتاطوا للأقل حقا ولم يحتاطوا للأكثر حقا فلاح فساد هذا القول الذي لا ندري كيف ينشرح صدر من له أدنى تمييز لتقليد من أخطأ فيه الخطأ الذي لا خفاء به وخالف فيه كل متقدم نعلمه الا رواية عن عمر بن عبد العزيز