وأما الحنيفيون فلم يوجبوا عليه نفقة أصلا لكن جعلوه بزواجه جانيا جناية توجب أن يقضى برقبته لزوجته فينفسخ النكاح إذا ملكته فهل سمع بابرد من هذه الوساوس المضادة لأحكام القرآن. والسنن. والمعقول بلا دليل أصلا؟ * واحتج المانعون من ملك العبد بان ذكروا قول الله تعالى: (ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه) * قال أبو محمد: وقالوا: العبد لا يرث ولا يورث فصح أنه لا يملك وقالوا: العبد سلعة من السلع ما نعلم لهم شيئا غير هذا أصلا وكله لا حجة لهم فيه، أما قول الله تعالى:
(ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ) فلا حجة لهم فيه لوجوه * أو لها أنه لم يقل الله تعالى: ان هذه صفة كل عبد مملوك وإنما ذكر من المماليك من هذه صفته، وقد قال تعالى:
(وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير) فهل يجب من هذا أن تكون هذه صفة كل أبكم أو أن يكون الأبكم لا يملك شيئا؟ هذا ما لا يقولونه، ولا فرق بين ورود الآيتين، ونحن لا ننكر أن يكون في الأحرار وفى العبيد من لا يملك شيئا لفقره ولا يقدر على شئ ولكن ليس كلهم كذلك * والثاني هو أن هذه الآية ليس فيها نص ولا دليل ولا إشارة على ذكر ملك ولا مال وإنما فيها أنه لا يقدر على شئ فإنما فيها نفى القدرة. والقورة فقط إما بضعف واما بمرض أو نحو ذلك * والثالث أنهم إذا أسقطوا ملكه بهذا الآية فأحرى بهم أن يسقطوا عنه بها الصلاة والصوم لأنهما شيئان، وفيها أنه لا يقدر على شئ فوضح فساد تعلقهم بها جملة * وأما قولهم: إن العبد لا يرث ولا يورث فنعم لان السنة وردت بذلك وليس في هذا دليل (1) على أنه لا يملك، والعمة لا ترث وليس ذلك دليلا على أنها لا تملك ويخص الله تعالى بالميراث من شاء كما قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) وقال تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) فدخل في هذا بنو البنات وخرجوا من الأولى ولم يكن في ذلك دليل على أنهم ليسوا لنا أولادا، وأما قولهم: العبد سلعة فنعم فكان ماذا؟ إن كانوا من أجل أنه سلعة جعلوه لا يملك فليسقطوا عنه الصلاة. والطهارة.
والصوم. والحدود لان السلع لا يلزمها شئ من ذلك * قال أبو محمد: يكفي من هذا قول الله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) فقد وعدهم الله تعالى بالغنى وأخبر أن الفقر والغنى جائزان على العبيد. والإماء، ولا يجوز أن يوصف بالفقر الا من يملك