بعض قوتهم، وأما قوله تعالى: (والذين لا يجدون الا جهدهم) فمثل هذا أيضا، وأما قولهم جهد المقل ففي حديث أبي هريرة هذه اللفظة الموصولة بقوله عليه السلام: (وابدأ بمن تعول) فبين هذا القول إنه جهده بعد كفاف من تعول، وكذلك حدثنا أبي مسعود أيضا وإنما كان لرجل درهمان فتصدق بأجود هما فكذلك أيضا وقد يكون له ضيعة أوله غلة تقوم به فتصدق بأحد درهمين كانا له ولم يقل عليه السلام: انه لم يكن له غيرهما، فان ذكروا صدقة أبى بكر بما يملكه قلنا: هذا لا يصح لأنه من طريق هشام بن سعد وهو ضعيف (1) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فوافق ذلك ما لا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكران سبقته يوما [قال]: فجئت بنصف ما لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت مثله وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. * قال أبو محمد: ثم لو صح لم يكن لهم فيه حجة لأنه بلا شك كانت له دار بالمدينة معروفة ودار بمكة وأيضا فان مثل أبى بكر لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليضيعه فكان في غنى، فصح بما ذكرنا أن من نذران يتصدق بجميع ماله مجملا أو منوعا على سبيل القربة إلى الله تعالى لم يلزمه أن يتصدق منه إلا بما أبقى لنفسه ولأهله غنى كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وغيره، (فان ذكروا حديث سعد في الوصية) قلنا: هو عليكم لان أمر الوصية غير أمر الصدقة المنفذة في الحياة باتفاق منا ومنكم، وأيضا فقد منعه عليه السلام من الصدقة بنصفة وأنتم لا تقولون هذا، وليس لأحد أن يوصى بأكثر من الثلث ولو ترك ألف ألف دينار أو أكثر ويرد ما زاد على ذلك وأنتم لا تقولون: برد ما نفذ من الصدقة بأكثر من ثلثه في حياته، وبالله تعالى التوفيق * وأما من نذر نحر نفسه أو ابنه فروينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني يحيى ابن سعيد الأنصاري قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر يقول: سئل ابن عباس عمن نذر أن ينحر ابنه؟ فقال: لا ينحر ابنه وليكفر عن يمينه فقيل لابن عباس. كيف تكون في طاعة الشيطان كفارة فقال ابن عباس: الذين يظاهرون ثم جعل فيه من الكفارة ما رأيت * قال أبو محمد: لا حجة لابن عباس في هذه الآية، أول ذلك أنه لم يجعل هو في طاعة الشطان التي شبهها بطاعته في الظهار الكفارة التي في الظهار ويكفى هذا، ثم لو طرد هذا القول لوجبت في كل معصية كفارة يمين وهذا لا يقوله هو ولا غيره، وقد صح عنه فيمن
(١٥)