ولنا قول الله تعالى (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) وهذا يوجب الجلد على كل رام لم يشهد بما قال أربعة، ولأنه اجماع الصحابة فإن عمر جلد أبا بكرة وأصحابه حين لم يكمل الرابع شهادته بمحضر من الصحابة فلم ينكره أحد وروى صالح في مسائله باسناده عن أبي عثمان النهدي قال: جاء رجل إلى عمر فشهد على المغيرة ابن شعبة فتغير لون عمر ثم جاء آخر فشهد فتغير لون عمر ثم جاء آخر فشهد فاستكبر ذلك عمر ثم جاء شاب يخطر بيديه فقال عمر ما عندك يا سلح العقاب؟ وصاح به عمر صحيحة فقال أبو عثمان والله لقد كدت يغشى علي فقال: يا أمير المؤمنين رأيت أمر قبيحا فقال الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال فأمر بأولئك النفر فجلدوا وفي رواية أن عمر لما شهد عنده على المغيرة شهد ثلاثة وبقي زياد فقال عمر أرى شابا حسنا وأرجو أن لا يفضح الله على لسانه رجلا من أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أمير رأيت أستا تنبو ونفسا يعلو ورأيت رجليها فوق عنقه كأنهما أذنا حمار ولا أدري ما وراء ذلك؟ فقال عمر الله أكبر وأمر بالثلاثة فضربوا. وقول عمر يا سلح العقاب معناه انه يشبه سلح العقاب الذي يحرق كل شئ أصابه كذلك هذا توقع العقوبة بأحد الفريقين لا محالة إن كملت شهادته حد المشهود عليه وإن لم تكمل حد أصحابه فإن قيل فقد خالفهم أبو بكرة وأصحابه الذين شهدوا، قلنا لم يخالفوا في وجوب الحد عليهم إنما خالفوهم في صحة ما شهدوا به ولأنه رام بالزنا لم يأت بأربعة شهداء فيجب عليه الحد كما لو لم يأت بأحد
(١٨٠)