ويحتمل أن يلزمهم الثبات ان غلب على ظنهم الظفر لما فيه من المصلحة وإن غلب على ظنهم الهلاك في الإقامة والنجاة في الانصراف فالأولى لهم الانصراف وان ثبتوا جاز لأن لم غرضا في الشهادة ويجوز ان يغلبوا أيضا، وان غلب على ظنهم الهلاك في الإقامة والانصراف فالأولى لهم الثبات لينالوا درجة الشهداء المقبلين على القتال محتسبين فيكونون أفضل من المولين ولأنه يجوز أن يغلبوا أيضا فإن الله تعالى يقول (كم من فئة قليلة غلبت فئه كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) ولذلك صبر عاصم وأصحابه فقاتلوا حتى أكرمهم الله بالشهادة (فصل) فإن جاء العدو بلدا فلأهله التحصن منهم وان كانوا أكثر من نصفهم ليلحقهم مدد أو قوة ولا يكون ذلك توليا ولا فرار إنما التولي بعد لقاء العدو، وان لقوهم خارج الحصن فلهم التحيز إلى الحصن لأنه بمنزلة التحرف للقتال أو التحيز إلى فئة وان غزوا فذهبت دوابهم فليس ذلك عذرا في الفرار لأن القتال ممكن للرجالة، وان تحيزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه رجالة فلا بأس لأنه تحرف للقتال وان ذهب سلاحهم فتحيزوا إلى مكان بمكنهم القتال فيه بالحجارة والتستر بالشجر ونحوه أولهم في التحيز إليه فائدة جاز (فصل) فإن ولى قوم قبل احراز الغنيمة وأحرزها الباقون فلا شئ للفارين لأن احرازها حصل بغيرهم فكان ملكها لمن أحرزها، وان ذكروا أنهم فروا متحيزين إلى فئة أو متحرفين للقتال فلا شئ لهم أيضا لذلك، وان فروا بعد إحراز الغنيمة لم يسقط حقهم منها لأنهم ملكوا الغنيمة بحيازتها فلم يزل ملكهم عنها بفرارهم (فصل) وإذا ألقى الكفار نارا في سفينة فيها مسلمون فاشتعلت فيها فما غلب على ظنهم السلامة فيه من بقائهم في مركبهم أو إلقاء نفوسهم في الماء فلاولى لهم فعله، وان استوى عندهم الأمران فقال أحمد كيف شاء يصنع، قال الأوزاعي هما موتنان فاختر أيسرهما. وقال أبو الخطاب فيه رواية
(٥٥٤)