وحكي عن الحسن والضحاك ان هذا كان يوم يدر خاصة ولا يجب في غيرها والامر مطلق وخبر النبي صلى الله عليه وسلم عام فلا يجوز التقييد والتخصيص الا بدليل وإنما يجب الثبات بشرطين (أحدهما) أن يكون الكفار لا يزيدون على ضعف المسلمين فإن زادوا عليه جاز الفرار لقول الله تعالى (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) وهذا إن كان لفظه لفظ الخبر فهو أمر بدليل قوله (الآن خفف الله عنكم) ولو كان خبرا على حقيقته لم يكن ردنا من غلبة الواحد للعشرة إلي غلبه الاثنين تخفيفا ولان خبر الله تعالى صدق لا يقع بخلاف مخبره وقد علم أن الظفر والغلبة لا يحصل للمسلمين في كل موطن يكون العدو فيه ضعف المسلمين فما دون فلم انه أمر وفرض ولم يأت شئ ينسخ هذه الآية لافي كتاب ولا سنة فوجب الحكم بها. قال ابن عباس نزلت (ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة ثم جاء تخفيف فقال (الآن خفف الله عنكم إلى قوله يغلبوا مائتين) فلما خفف الله عنهم من العدد نقص من الصبر بقدر ما خفف من العدد رواه أبو داود وقال ابن عباس من فر من اثنين فر ومن فر من ثلاثة فما فر (الثاني) أن لا يقصد بفراره التحيز إلى فئة ولا التحرف لقتال فإن قصد أحد هذين فهو مباح له لأن الله تعالى قال (الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة) ومعنى التحرف للقتال أن ينحاز إلى
(٥٥١)