(والثالث) من تستحب له ولا تجب عليه وهو من يقدر عليها لكنه يتمكن من اظهار دينه وإقامته في دار الكفر فتستحب له ليتمكن جهادهم وتكثير المسلمين ومعونتهم ويتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم ولا تجب عليه لامكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة وقد كان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم مقيما بمكة مع اسلامه وروينا ان نعيم النحام حين أراد أن يهاجر جاءه قومه بنو عدي فقالوا له أقم عندنا وأنت على دينك ونحن نمنعك ممن يريد أذاك واكفنا ما كنت تكفينا وكان يقوم بيتا مي بني عدي وأراملهم فتخلف عن الهجرة مدة ثم هاجر بعد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (قومك كانوا خيرا لك من قومي لي قومي أخرجوني وأرادوا قتلي وقومك حفظوك ومنعوك) فقال يا رسول الله بل قومك أخرجوك إلى طاعة الله وجهاد عدوه وقومي ثبطوني عن الهجرة وطاعة الله أو نحو هذا القول (مسألة) قال (من دخل إلى أرض العدو وبأمان لم يحنهم في مالهم ولم يعاملهم بالربا) أما تحريم الربا في دار الحرب فقد ذكرناه في الربا مع أن قول الله تعالى (وحرم الربا) وسائر الآيات والأخبار الدالة على تحريم الربا عامة تتناول الربا في كل مكان وزمان وأما خيانتهم فمحرمة لأنهم إنما أعطوه الأمان مشروطا بتركه خيانتهم وامنه إياهم من نفسه وان لم يكن ذلك مذكورا في اللفظ فهو معلوم في المعنى ولذلك من جاءنا منهم بأمان فخاننا كان ناقضا لعهده فإذا ثبت هذا لم تحل
(٥١٥)