المقام أيضا كذلك، فإن المحرم قبل احرامه وإن لم يتعين عليه العمرة أو الحج، وكان له التخيير في صرف الاحرام إلى أي منهما شاء، ولكنه بعد الاحرام لأحدهما ونسيانه ذلك يعلم وجوب اتمام ما أحرم له وعين عليه وعدم جواز صرفه إلى غيره، فيتعارض استصحاب جواز التعيين في كل واحد منهما مع الآخر ولا يجري الاستصحاب.
ثم إن صاحب الجواهر نقل عن المستدل تعليله للحكم بعدم الرجحان في أحدهما، وعدم جواز الاحلال له بدون النسك، إلا إذا صد أو أحصر، وعدم امكان الجمع بين النسكين فيتخير بين الفردين.
فهل عدم الرجحان المذكور في دليل المستدل دليل مستقل قبال الاستصحاب، أو هو من تتمة الدليل الأول فيتخير بين النسكين والظاهر أن عدم الرجحان لأحدهما بنفسه لا يوجب التخيير بينهما في الحكم، كما أن التخيير بين النسكين إذا عرض عارض لا يوجب التخيير هنا، فإن عدم القدرة على الجمع إنما هو من جهة أمر خارجي ومنع وصد، فيصح القول بالتخيير بعد الاحرام لأحدهما.
وأما عدم القدرة على الجمع في المقام إنما هو من جهة أن المحرم لا يدري ما نوى ولا يعلم ما قصده، وهذا لا يوجب التخيير بل يمكن أن يحكم بالبطلان رأسا، وعدم توجه التكليف إليه أصلا وأن لا يكون مسقطا للتكليف الواجب لو اختار أحدهما.