____________________
أهل الكتاب وكلاهما بعيد غايته: أما حملها على التقية في مقام الحكم فلبعد أن يكون عندهم - ع - في جميع محافلهم في هذه الأخبار - على كثرتها - من يتقون لأجله ويخافون منه في حكمهم بنجاسة أهل الكتاب. وأما حملها على التقية في مقام العمل فلأنه أبعد إذ كيف يأمر الإمام - ع - بمعاملة الطهارة معهم بمخالطتهم ومساورتهم ومؤاكلتهم من غير أن يأمرهم بغسل أيديهم وألبستهم بعد المراجعة إلى منازلهم وتمكنهم من العمل على طبق الحكم الواقعي لئلا يبطل وضوؤهم وصلاتهم وغيرهما من أعمالهم المتوقفة على الطهور. وعلى الجملة أن القاعدة تقتضي العمل بأخبار الطهارة وحمل أخبار النجاسة على الكراهة واستحباب التنزه عنهم، كما أن في نفس الأخبار الواردة في المقام دلالة واضحة على ارتكاز طهارة أهل الكتاب في أذهان المتشرعة في زمانهم - ع - وإنما كانوا يسألونهم عن حكم مؤاكلتهم أو غيرها لأنهم مظنة النجاسة العرضية فمن هذه الأخبار صحيحتا إبراهيم بن أبي محمود المتقدمتان (* 1) المشتملتان على قوله: وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة وقوله: وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ. لأن أهل الكتاب لو لم تكن طهارتهم مرتكزة في أذهان المتشرعة لم يكن حاجة إلى إضافة الجملتين المتقدمتين في السؤال لأن نجاستهم الذاتية تكفي في السؤال عن حكم استخدامهم وعملهم من غير حاجة إلى إضافة ابتلائهم بالنجاسة العرضية و" منها ": صحيحة معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله - ع - عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث " أجناب " وهم يشربون الخمر؟ قال: نعم.. الحديث (* 2) فإن إضافة قوله: وهم أجناب وهم يشربون الخمر شاهدة على ارتكاز طهارتهم