____________________
النجاسة مرتين فكأن النجاسة الثانية لم تطرء على الشئ من الابتداء، فمع فرض أنه لم يلاق غير نجاسة واحدة - كالدم - مثلا كيف يترتب عليه أثر كلتا النجاستين إذا اختلف حكمهما، لأن مفروضنا أن النجاسة الثانية كأنها لم تطرء حقيقة فما الموجب للحكم بترتيب آثارها؟ وهذه المناقشة - كما ترى - إنما ترد إذا بنينا على أن المتنجس لا يتنجس ثانيا وأن النجاسة الثانية كالعدم حقيقة. وأما إذا بنينا على أن لها مراتب بحسب الشدة والضعف وأنه لا مانع من الحكم بتنجس المتنجس ثانيا بأن تكون إحدى النجاستين ضعيفة والأخرى شديدة فلا يبقى للمناقشة مجال حيث لا بد حينئذ من ترتيب أثر كلتا النجاستين وهذا الاشكال هو الذي نفاه بقوله: ولا اشكال - على تقدير القول بأن للنجاسة مراتب في الشدة والضعف - ثم لا ينبغي التأمل في أن النجاسة - سواء كانت مختلفة بحسب المرتبة أم لم تكن وسواء قلنا أن المتنجس ينجس أو لا ينجس - إذا طرءت على شئ واحد مرتين أو مرات متعددة - اتحد نوعها أم تعدد - لا يجب غسله إلا مرة واحدة. اللهم إلا أن يكون لإحداهما أثر زائد كوجوب غسلها مرتين أو التعفير فإنه لا بد من ترتيب ذلك الأثر حينئذ وذلك لاطلاق دليله لأن مقتضى إطلاق ما دل على وجوب غسل البول مرتين عدم الفرق في وجوبهما بين كونه مسبوقا بنجاسة أخرى أو لم يكن وكذلك الحال فيما دل على لزوم تعفير ما ولغ فيه الكلب لاطلاقه من حيث تحقق نجاسة أخرى معه وعدمه وهذا هو السر في لزوم ترتيب الأثر الزائد حتى على القول بعدم تنجس المتنجس ثانيا.