اعلم أيدك الله أن هذا المنزل خاصة دون غيره من المنازل ما فيه علم يظهر منه في الكون أو يدل عليه في العين أو في الاسم أو في الحكم إلا ولحكم الله من حيث هذا الاسم الذي هو الجامع لمراتب الألوهية فيه أي في ذلك العلم نظر من وجه ووجهين وثلاثة وأربعة وأكثر ولا تجد ذلك في غيره من المنازل فسألت كم علم فيه فرفع لي المنزل بكماله فرأيت فيه ثلاثة وعشرين علما منصوبا ونظرت إلى الألوهية في تلك الأعلام كلها فوجدت نظرها إليها من أربعين وجها وقيل لي ما جمعها إلا رسول الله ص ومن هذا المنزل كانت سيادته على جميع العالم فمن ورثه فيه من أمته حصل له من السيادة بقدره في هذه الجمعية ومن هذا المنزل تعطي الحكمة لمن أخلص لله أربعين صباحا فهو يشهد الله في جميع أحواله كما كان رسول الله ص يذكر الله على كل أحيانه ويتضمن هذا المنزل من المسائل معرفة ازدواج المقدمات للانتاج وعلم منازعة المرسل إليه للرسول ص مع إيمانه به وبما جاء به من عند الله فيرجع خصما في هذا المنزل ويتولى الله الحكم بين الرسول والمرسل إليه مع علمه بأن الرسول لا ينطق عن الهوى وإنه يبلغ عن الله ما أرسله به ومع هذا كله يدعى عليه في نفس ما جاء به فيرتفع إلى الله ليحكم بينهما وهو من أصعب العلوم في التصور لوجود الايمان والتصديق به من الخصم وفيه علم من ترك خلفه ما شرع له أن يكون أمامه وفيه علم الانتساب أعني انتساب الفروع إلى أصولها ومن ألحق فرعا بغير أصله ما حكم الله فيه من طريق الكشف وفيه علم ظهور الباطل بصورة الحق والباطل عدم لا وجود له والصورة موجودة فهي حق فأين عين الباطل الذي ظهر والصورة إنما هي للحق وما الستر الذي بين العقل والحق حتى يستره الباطل بصورة الحق وعلم الفرق بين الخاطر الأول والخاطر الثاني وإنه غير مؤاخذ بالخاطر الأول مؤاخذ بالخاطر الثاني والثاني عين صورة الأول فلما ذا لم يصدق في الثاني في بعض الأمور كما يصدق في الأول فهل ذلك لمرتبة الثاني فإن الثاني مما زاد في مراتب العدد أصله عدم والأول وجود وبالأول ظهر من الأعداد ما ظهر مما هو ظهر لها وفيه علم إلحاق من استرقه الحجاب من الأمثال بالحرية لمن قلب الحقائق في نظره فالحق الأمور بغير مراتبها والفروع بغير أصولها وفيه علم السبب الإلهي الذي لأجله كان هذا وفيه إضافة علم الأذواق إلى الله تعالى وهو شعور بالعلم بها من غير ذوق فأي نسبة إلهية أعطت مثل هذا الحكم في العلم الإلهي مثل قوله حتى نعلم وهو يعلم فهذا هو علم الذوق وفيه علم مقدار إقامة الصفة التي لا تقبل المثل بالعبد لإزالة رفع هذا الواقع من هذا الشخص الذي أنزل الخف منزلة الإمام في غير موضعه فخلط بين الحقائق وتخيل هذا أن قول النبي ص إني أراكم من خلف ظهري إنه برؤيته صار إماما فإنما جعل له حكم النظر كما هو للإمام والإمام إمام والخلف خلف فإن عجز عن اللبث تحت قدر حكم هذه الصفة العديمة المثل فلم يكشف غلطه ولا رأى الحق لعجزه عن القيام بهذه المدة التي تفني فيها نفسه حصل في علم آخر في هذا المنزل مجاور لهذا يطلبه بحياة أنفس معدودين موفين له بالصفة التي كان يفنى نفسه فيها فظهر شرف نفسه على غيره حيث قام جماعة من أمثاله مقام نفسه مع الاشتراك في الصورة والمقام والحال وقد بين الله الفرقان بينهما وجعل حق النفس على نفسها أعظم من حقوق أمثالها عليه بلغت ما بلغت فأدخل قاتل أنفس الغير في المشيئة من غير قطع بالمؤاخذة فهو بين العفو والمؤاخذة مع تعلق حقوقهم به وجعل قاتل نفسه في النار بأن حرم عليه الجنة لعظم حق نفسه على نفسه وقد ورد أن حق الله أحق أن يقضى من حق الغير فجعل كذلك حق النفس وفيه علم السبب الذي لأجله رتب هذه الحقوق هكذا وجعل لها هذه الحدود الإلهية وفيه علم صفة عذاب من يستر الحق عن أهله إذا توجه عليه كشفه لهم بالإيجاب الإلهي وفيه علم من عدل عن الحق بعد إقامة البينة عليه المقطوع بها ما الذي عدل به عن الحق وما حكمه في هذا العدول عند الله وفيه علم عذاب أهل الحجب هل عذابهم بحجابهم أو بأمر آخر وفيه علم الجمع للتعريف بالأعمال المنسية عندهم وغير المنسية ومن يتولى ذلك من الأسماء الإلهية وفيه علم تعلق علم الله الذي لا تدركه الأكوان بما في العالم بطريق المشاهدة والمجالسة ثم تأخير التعريف بما كان من الأكوان من الأعمال إلى زمان مخصوص معين عند الله وفيه علم النجوى الأخراوية والدنياوية وفيه علم آداب المناجاة بين المتناجين وبما ذا يبدأ من يناجي ربه أو أحدا من أهل الله وفيه علم اتساع مجالس
(٩٧)