راجعة إلى حاله لا بد من ذلك أو إلى منزلة الشرع في ذلك الوقت في ذلك الموضع الذي رآه فيه مثل الرؤيا سواء إلا إن هذا الإنسان يراها في اليقظة والعامة ترى ذلك في النوم فلا يأخذ عن تلك الصورة إذا تجلت بهذه المثابة شيئا من الأحكام المشروعة وكل ما أتى به من العلوم والأسرار مما عدا التحليل والتحريم فلا تحجير عليه فيما يأخذه منها لا في العقائد ولا في غيرها فإن الحضرة الإلهية تقبل جميع العقائد إلا الشرك فإنها لا تقبله فإن الشريك عدم محض والوجود المطلق لا يقبل العدم والشريك لا شك أنه خارج عن شريكه بخلاف ما يعتقد فيه مما يتصف به الموصوف في نفسه فلهذا قلنا لا يقبل الشريك لأنه ما ثم شريك حتى يقبل وإن كان قد جاء في قوله تعالى ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فافهم هذه الإشارة فإن الشبهة تأتي في صورة البرهان فهذا ذم للمقلدة لا لأصحاب النظر وإن أخطئوا ثم اعلم أن الغرض هو عين الإرادة إلا أنه إرادة للنفس بها تعشق وهوى فثبتت فسميت غرضا إذا كان الغرض هو الإشارة التي تنصبها الرماة للمناضلة ولما كانت السهام من الرماة تقصدها وهي ثابتة لا تزول سميت الإرادة التي بهذه المثابة غرضا لثبوتها في نفس من قامت به لتعشقه بذلك الأمر ولا يبالي من سهام أقوال الناس فيه لذلك وسواء كان ذلك الغرض محمودا أو مذموما لكنهم اصطلحوا على أنه إذا قيل فيه غرض نفسي ونسبوه إلى النفس أن يكون مذموما وإذا عرى عن هذه النسبة قد يكون محمودا وقد يكون مذموما ولهذا وصف الحق بأن له إرادة ولم يتصف بأن له غرضا لأن الغرض الغالب عليه تعلق الذم به وهو عرض يعرض للنفس فأعجم القضاء والقدر عينه فسمي غرضا لما ذكرناه لما يقوم بصاحبه من اللجاج في إمضائه وهو عين العلة التي لأجلها كان وقوع ذلك الفعل أو تركه إن كان الغرض تركه والعلة مرض والأغراض أمراض النفوس وإنما قلنا بأنه أمر يعرض للنفس لأن النفس إنما خلق لها الإرادة لتريد بها ما أراد الله أن تأتيه من الأمور أو تتركه على ما حد لها الشارع فالأصل هو ما ذكرناه فلما عرض لهذه الإرادة تعشق نفسي بهذا الأمر ولم تبال من حكم الشرع فيه بالفعل أو الترك حتى لو صادف الأمر الشرعي بإمضائه لم يكن بالقصد منه وإنما وقع له بالاتفاق كون الشارع أمره به ففعله صاحب هذه الصفة لغرضه لا لحكم الشارع فلهذا لم يحمده الله على فعله إلا إن سأل قبل إمضاء الغرض هل للشرع في إمضائه حكم يحمد فيفتيه المفتي بأن الشارع قد حكم فيه بالإباحة أو بالندب أو بالوجوب فيمضيه عند ذلك فيكون حكما شرعيا وافق هوى نفس فيكون مأجورا عليه والأول ليس كذلك فإن الأول هوى نفس وغرض وافق حكم شرع محمود فلم يمضه للشرع على طريق القربة فخسر فانظر يا ولي في أغراضك النفسية إذا عرضت لك ما حكمها في الشرع فإذا حكم عليك الشرع بالفعل فافعله أو بالترك فاتركه فإن غلب عليك بعد السؤال ومعرفتك بحكم الشرع فيه بالترك ولم تتركه واعتقدت إنك مخطئ في ذلك فأنت مأجور من وجوه من بحثك وسؤالك عن حكم الشرع فيه قبل إمضائه ومن اعتقادك أولا في الشرع حتى سألت عن حكمه في ذلك الأمر ومن اعتقادك بعد العلم بأنه حرام يجب تركه ومن استنادك إلى أن الله غفور رحيم يعفو ويصفح بطريق حسن الظن بالله ومن كونك لم تقصد انتهاك حرمة الله ومن كونك معتقد السابق القضاء والقدر فيك بإمضاء هذا الأمر كمسألة موسى مع آدم ع فهذه وجوه كثيرة أنت مأجور من جهتها في عين معصيتك وأنت مأثوم فيها من وجه واحد وهو عين إمضاء ذلك الأمر الذي هو هوى نفسك وإن زاد إلى تلك الوجوه إنك يسوؤك ذلك الأمر كما قال رسول الله ص المؤمن من سرته حسنته وساءته سيئته فبخ على بخ وهذا كله إنما جعله الله للمؤمن إرغاما للشيطان الذي يزين للإنسان سوء عمله فإن الشيطان يأمر بالفحشاء فوعد الله بالمغفرة وهي الستر الذي يجعله الله بين المؤمن العاصي وبين الكفر الذي يرديه عند وقوع المعصية فيعتقد أنها معصية ولا يبيح ما حرم الله وذلك من بركة ذلك الستر ثم ثم مغفرة أخرى وهو ستر خلف سترين ستر عليه في الدنيا لم يمض فيه حد الله المشروع في تلك المعصية وإن ستر عليه في الآخرة لم يعاقبه عليها فالستر الأول محقق في الوقت قال تعالى والله يعدكم مغفرة منه وفضلا فهذه المغفرة لأمره بالفحشاء والفضل لما وعد به الشيطان من الفقر في قوله تعالى الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء فأراح الله المؤمن حيث ناب عنه الحق سبحانه في مدافعة ما أراد الشيطان إمضائه في المؤمن فدفع الله عن عبده المؤمن وعدا إلهيا دفع
(٧١)