اجعل يديك على الكبد * تجد الذي منكم أجد * وابرح إلى طلب الوصال * وقل له هبني وزد لولا وجود العلم * فيه ما تذكر من عبد * فإن أنكروا هذا فقل * إن القرآن بذا ورد قال الله عز وجل هذا إبلاغ للناس فخص طائفة بالتعيين ولينذروا به فعين طائفة أخرى وليعلموا أنما هو إله واحد فعين طائفة أخرى وليتذكر أولوا الباب فعيننا وهؤلاء هم الذين ذكرناه وهم العلماء بالله وبالأمر على ما هو عليه فلم يكن الخط الذي قسم الدائرة إلا عين تميزي عنه وتميزه عني من الوجه الذي كان به إلها وكنت به عبدا فلما تحقق التمييز ووقع الانفصال بالتكوين وأظهر الخط حكمه ووصفنا بالحجاب عنه ووصف نفسه بحجب الأنوار والظلم عنا وشرع لنا ما شرع وأمرنا بالإنابة إليه ووصف نفسه بالنزول إلينا علمنا أنه يريد رجوع الأمر إلى ما كان عليه بعد علمنا بما قد علمنا وتحققنا بما به تحققنا قال عن نفسه إنه سمعنا الذي نسمع به وبصرنا الذي نبصر به وذكر لنا جميع القوي التي نجدها من نفوسنا وأثبت في هذا الوصل أعياننا فلا يشبه ما رجع الأمر إليه ما كان عليه قبل الفصل لأن الذي أثبته الخط من الحكم ما يزول وإن زال الخط فأثره باق لأنا قد علمنا إن الدائرة قابلة للقسمة بلا شك ولم نكن نعلم ذلك قبل فإذا اتصلت الدائرة فلا يزول العلم منا أنها ذات قسمين من أي جزء فرضته فيها وإنما تقبلها من أي حد فرضته فيها لما ورد في الأخبار الإلهية من اتصاف الحق تعالى بصفات الخلق واتصاف الخلق بصفات الحق كما قال تعالى قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فإن قلت الرحمن سميته بجميع الأسماء الحسنى وإن قلت الله سميته بجميع الأسماء الحسنى وكذلك تقول الخلق الذي هو العالم يقبل أسماء الحق وصفاته وكذلك الحق يقبل صفات الخلق لا أسماءه بالتفصيل ولكن يقبلها بالإجمال فقبوله بالإجمال مثل قوله يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله وكونه لا يقبل أسماء العالم بالتفصيل فأعني بذلك الأسماء الإعلام وهو قوله قل سموهم يريد الأسماء الأعلام وما عدا الأسماء الأعلام فيقبلها الحق على التفصيل فإن الحق ما له اسم علم لا يدل على معنى سوى ذاته فكل أسمائه مشتقة تنزلت له منزلة الأعلام ولهذا وقع الاشتراك بالتفصيل في أسماء الحق ولم يقع الاشتراك بالتفصيل في أسماء العالم فتحقق ما نبهنا عليه فأعظم ما أخذه من صفاتنا الذي يدل الدليل على إحالته ولنبلونكم حتى نعلم فما كان بعد هذا فهو أهون من تحوله في الصور وغير ذلك وعلى الحقيقة فكلها نعوته وأعظم من أخذنا نحن منه علمنا به الذي يحيله الدليل وهو قوله ليس كمثله شئ وقول رسول الله ص من عرف نفسه عرف ربه فأخذنا عنه وأخذ عنا فيا حيرة أبدت حقائق كونه * ويا خيبة للعبد حين تفوته فمن كان أحياه يحير ذاته * ومن لم يحر فيه فعنه يميته إذا كان قوت الخلق كونا محققا * فإله الحق للعبد قوته قيل لسهل بن عبد الله ما القوت قال الله واعلم أن الإل بكسر الهمزة هو الله تعالى والإل أيضا العهد بكسر الهمزة فقوله إلى كونك أي الوهتي ما ظهرت إلا بك فإن المألوه هو الذي جعل في نفسه وجود الإله ولهذا قال من عرف نفسه عرف ربه فمعرفتك بالله أنه أهلك أنتجته معرفتك بذاتك ولذلك ما أحالك الله في العلم به إلا عليك وعلى العالم فكل ما ثبت لله تعالى من الأحكام ما ثبت إلا بالعالم فعين الإل من حيث عينه هو الموصوف بهذه الأحكام فلو ارتفع العالم من الذهن ارتفعت الأحكام الإلهية كلها وبقي العين بلا حكم وإذا بقي بلا حكم وإن كان واجب الوجود لذاته لم يلزم أن يكون له حكم الألوهة فوجود أعياننا من وجوده ووجودنا أثبت العلم به في ذواتنا ولولا إن ذاته أعطت وجودنا ما صح لنا وجود عين وهذا معنى قول العلماء إن العالم استفاد الوجود من الله وأما قوله ألك كوني فهو عين قوله كنت سمعه وبصره فجعل هويته عين مسمى سمعنا وقوانا وليس العالم إلا بهذا الحكم فإن فنيت لم أكن * وإن بقيت لم أكن * فكلنا لكنا * وكلنا من قول كن منا ومنه فاعتبر * تجده فيك يستكن * فاستره لا تظهره * كما أتى في لم يكن فيها بدت مشرقة * شمس له ما قد سكن * فما لنا سواه من * مستند ومن سكن
(٥٤٤)