ولا آخرة فإذا كان مشهده عبادته في حال ارتقاؤه ونزل الحق إليه كما وصف الحق نفسه بالنزول فوقع الاجتماع وهو المنازلة فمن حيث إن العبد ذو عمل من الأعمال لأنه لا بد أن يكون في عمل مشروع صالح وهو الذي يصعد به فإنه براقه لأنه محمول فيتلقاه من الله من حيث ذلك العمل بالبر الذي عينه الله لمن جاء به وهو مقدر معلوم ثم أن الحق ينظر في هذا المكلف فيراه مع كونه في عمله غير مشهود له ذلك العمل لعلمه أن الله هو العامل به لا هو وأنه محل لخلق العمل به وكالآلة لوجود ذلك العمل فيكون الحق يعطي استحقاق ذلك العمل من حيث ما وعد به فيه وينظر ما مشهد ذلك الشخص فيجده في عبادته التي لم يزل عليها في حال عدمه فما ثم جزاء في مقابلتها إلا أن لا يرزقها الغفلة عنها في زمان خلق الغفلات في المكلفين ما ثم إلا هذا وهو الذي قلنا في الممكن في حال وجوده أنه لا بد من حكم سيادة تظهر منه لأنه في زمان حكم الغفلات فالعناية بهذا العبد في هذه المنازلة رفع الغفلة عن العبادة في كل حال فهذه هي الزيادة في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة للذين أحسنوا بالأعمال الحسنى بما لهم من الأجور بل بما للأعمال من الأجور فإنها بعينها للعامل وزيادة هي ما ذكرناه في حق صاحب العبادة فإنه لا يرزقه الغفلة في وقت العمل عمن هو العامل فيرى أن العامل هو الله وليس يعود الأجر الذي يطلبه العمل إلا على العامل فالعامل عنده هو الله فأجرته لو كان ممن يقبل الأجور على قدره فيحصل للمكلف الذي هو الآلة القابلة للأجور أجر من لو قبل الله الأجير كيف يكون أجره هل يكون إلا على قدره وإن قيده العمل فأين أجر هذا المكلف بهذا الشهود من أجر من يرى في عمله إن المكلف هو العامل لا الحق فيكون أجره على قدر هذا المكلف فلا يحصل له سوى أجر العمل خاصة إلا على قدر أجر العامل لأن العامل عنده عينه ولا قدر له ولولا ظهوره واتصافه بطاعة ربه في عمله لم يكن له قدر من نفسه ولهذا ترى مال المخالف إلى ما يكون فلو كان له قدر في نفس الأمر لسعد بحكم قدره وإنما يسعد برحمة الله ولم تتفاضل سعادتهم لو كان لهم قدر يستحقون به السعادة ولا نشك أنهم في السعادة متفاضلون كما أنهم في الأعمال متفاضلون من حال وزمان ومكان وعين عمل ودوام واجتماع وانفراد إلى غير ذلك فيما يقع به التفاضل فعلمنا أنه ما ثم جزاء القدر فعلمنا إن الإنسان من حيث عينه لا قدر له لا بطاعة ربه وقدر عمله ثم إن الحق بعد هذا النظر وتعيين الجزاء كما قررناه ينظر في شهود هذا المكلف فيراه ذا عبادة والعمل تابع لها فيه وهو لا يتصف بالإعراض عن الأعمال ولا بالإقبال عليه وأنه على الحال الذي كان عليه في حال عدمه لم يتغير فيبقيه على حاله ويحجب الغفلة عنه فلا يكون له أثر فيه بوجه من الوجوه وهذه هي العصمة العامة فإذا وقعت منه مخالفة فإنما تقع بحكم القضاء والقدر من تكوينهما فيه كما وقعت الطاعة فما ينقص له من حاله في عبادته لأن الغفلة محجوبة عنه والحضور له دائم فإذا وقع منه ما وقع فهو من الله عين تكوين لذلك الواقع في هذا المحل ظاهره صورة معصية لحكم خطاب الشرع وهي في نفس الأمر أعني تلك الواقعة موجود أوجده الله في هذا المحل من الموجودات المسبحة بحمده فلا أثر لهذه المخالفة فيه كما لا أثر للطاعة فيه فتسعد النفس الحيوانية بذلك العمل كان العمل ما كان في الظاهر مما يجري عليه لسان ذنب أو لسان خير فإنه في نفس الأمر ليس بذنب وإنما حركته الحيوانية كحركات غير المكلف لا تتصف بالطاعة ولا بالمعصية وإنما ذلك إنشاء صور في هذا المحل ينظر إليها علماء الرسوم قد ظهرت من مؤمن عاقل بالغ فيحكمون عليه بحسب ما هي عندهم في حكم الشرع من طاعة أو معصية ما يلزمهم غير هذا ما لم يدخل لهم الاحتمال فيه فإن دخل لهم الاحتمال في ذلك لم يجز لهم أن يرجحوا جانب لسان الذنب على غير ذلك كرجل أبصرته في بلدة صحيحا سويا في رمضان يأكل نهارا مع معرفتك به أنه مؤمن فيدخل الاحتمال فيه أن يكون به مرض لا تعرفه أو يكون في حال سفر ولا تعرف ذلك فليس لك أن تقدم على الإنكار عليه مع هذا الاحتمال ولا يلزمك سؤاله عن ذلك بل شغلك بنفسك أولى بك وأما قوله في هذا الباب ص إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فاعلم أنه ما سميت الجنة جنة إلا لما نذكره وكذلك تسمية الملائكة جنة وكذلك الجن فكل ذلك راجع إلى الاستتار والاستتار ما هو على نمط واحد بل حكمه مختلف وذلك أن من هذا النوع كون الحق يتجلى في القيامة ويقول أنا ربكم ويرونه ومع هذا ينكرونه ولا يصدقون به أنه ربهم مع وجود الرؤية على رفع الحجاب فإذا
(٥٤٠)