اختصاص الرحمة وشمولها وعلم الأسماء المركبة التي لله وعلم عواقب الأمور وعلم العالم وعلم مراتب السيادة في العالم وعلم الثناء بالثناء وعلم الملك والملكوت وعلم الزمان وعلم الجزاء وعلم الاستناد وعلم التعاون وعلم العبادة وعلم البيان والتبيين وعلم طرق السعادة وعلم النعمة والمنعم والإنعام وعلم أسباب الطرد عن السعادة التي لا يشوبها بها شقاء وعلم الحيرة والمتحيرين وعلم السائل والمجيب وعلم التعريف بالذات والإضافة وأي التعريفين أقوى هذه أمهات العلوم التي يحوي عليها هذا المنزل وكل علم منها فتفاصيله لا تنحصر إلا لله تعالى أي يعلم مع علمه بها أنها لا تنحصر لأنها لا نهاية لها ومنها تقع الزيادة في العلم لمن طلبها ومن أعطيها من غير طلب وهو قوله وقل رب زدني علما فإن تناهى العلم في نفسه فإن المعلوم لا ينتهي وقد نهيت النفس عن قولها * بالانتهاء فيه فلم تنته لجهلها بالأمر في نفسه * لذاك قالت إنه ينتهي وقد رأينا نفرا منهم * بمكة يجول في مهمه قد حكمت أوهامهم فيهم * فانحاز ذو اللب من الأبله واعلم أن عالم الإنسان لما كان ملكا لله تعالى كان الحق تعالى ملكا لهذا الملك بالتدبير فيه وبالتفصيل ولهذا وصف نفسه تعالى بأن لله جنود السماوات والأرض وقال وما يعلم جنود ربك إلا هو فهو تعالى حافظ هذه المدينة الإنسانية لكونها حضرته التي وسعته وهي عين مملكته وما وصف نفسه بالجنود والقوة إلا وقد علم أنه تعالى قد سبقت مشيئته في خلقه أن يخلق له منازعا ينازعه في حضرته ويثور عليه في ملكه بنفوذ مشيئته فيه وسابق علمه وكلمته التي لا تتبدل سماه الحارث وجعل له خيلا ورجلا وسلطه على هذا الإنسان فاجلب هذا العدو على هذا الملك الإنساني يخيله ورجله ووعده بالغرور وبسفراء خواطره التي تمشي بينه وبين الإنسان فجعل الله في مقابلة أجناده أجناد ملائكته فلما تراءى الجمعان وهو في قلب جيشه جعل له ميمنة وميسرة وتقدمة وساقة وعرفنا الله بذلك لنأخذ حذرنا منه من هذه الجهات فقال الله تعالى لنا إنه قال هذا العدو ثم لا آتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وهو في قلب جيشه في باطن الإنسان فحفظ الله هذا الملك الإنساني بأن كان الله في قلب هذا الجيش وهذا العسكر الإنساني في مقابلة قلب جيش الشيطان وجعل على ميمنته الاسم الرب وعلى ميسرته الاسم الملك وعلى تقدمته الاسم الرحمن وفي ساقته الاسم الرحيم وجعل الاسم الهادي يمشي برسالة الاسم الرحمن الذي في المقدمة إلى هذا الشيطان وما هو شيطان الجان وإنما أعني به شيطان الإنس فإن الله يقول شياطين الإنس والجن وقال من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس فإن شياطين الإنس لهم سلطان على ظاهر الإنسان وباطنه وشياطين الجن هم نواب شياطين الإنس في بواطن الناس وشياطين الجن هم الذين يدخلون الآراء على شياطين الإنس ويدبرون دولتهم فيفصلون لهم ما يظهرون فيها من الأحكام ولا يزال القتال يعمل على هذا الإنسان المؤمن خاصة فيقاتل الله عنه ليحفظ عليه إيمانه ويقاتل عليه إبليس ليرده إليه ويسلب عنه الايمان ويخرجه عن طريق سعادته حسدا منه فإنه إذا أخرجه تبرأ منه وجثا بين يدي ربه الذي هو مقدم صاحب الميمنة ويجعله سفيرا بينه وبين الاسم الرحمن وعرفنا الله بذلك كله لنعرف مكايد فهو يقول للإنسان بما يزين له أكفر فإذا كفر يقول له إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما إنهما في النار خالدين فيها لأن الكفر هنا هو الشرك وهو الظلم العظيم ولذلك قال وذلك جزاء الظالمين يريد المشركين فإنهم الذين لبسوا إيمانهم بظلم وفسره رسول الله ص بما قاله لقمان لابنه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم فعلمنا بهذا التفسير أن الله أراد بالإيمان هنا في قوله ولم يلبسوا إيمانهم بظلم إنه الايمان بتوحيد الله لأن الشرك لا يقابله إلا التوحيد فعلم النبي ص ما لم تعلمه الصحابة ولهذا ترك التأويل من تركه من العلماء ولم يقل به واعتمد على الظاهر وترك ذلك لله إذ قال وما يعلم تأويله إلا الله فمن أعلمه الله بما أراده في قوله علمه بإعلام الله لا بنظره ومن رحمة الله بخلقه أنه غفر للمتأولين من أهل ذلك اللسان العلماء به إذا
(٥٢٢)