فيما وصف به نفسه لم يدخله تحت حكم عقله من حيث نفسه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا واعلم أن مسمى النكاح قد يكون عقد الوطء وقد يكون عقدا ووطأ معا وقد يكون وطأ ويكون نفس الوطء عين العقد لأن الوطء لا يصح إلا بعقد الزوجين ومنه إلهي وروحاني وطبيعي وقد يكون مرادا للتناسل أعني للولادة وقد يكون لمجرد الالتذاذ فأما الإلهي فهو توجه الحق على الممكن في حضرة الإمكان بالإرادة الحبية ليكون معها الابتهاج فإذا توجه الحق عليه بما ذكرناه أظهر من هذا الممكن التكوين فكان الذي يولد عن هذا الاجتماع الوجود للممكن فعين الممكن هو المسمى أهلا والتوجه الإرادي الحي نكاحا والانتاج إيجادا في عين ذلك الممكن ووجودا إن شئت والأعراس الفرح الذي يقوم بالأسماء الحسنى لما في هذا النكاح من الإيجاد الظاهر في أعيان الممكنات لظهور آثار الأسماء فيه إذ لا يصح لها أثر في نفسها ولا في مسماها وإنما أثرها وسلطانها في عين الممكن لما فيه من الافتقار والحاجة إلى ما بيد الأسماء فيظهر سلطانها فيه فلهذا نسبنا الفرح والسرور وإقامة الأعراس إليها وهذا النكاح مستمر دائم الوجود لا يصح فيه انقطاع والطلاق لهذا العقد النكاحي لا يقع في الأعيان القابلة للاعراض والصور وإنما يقع في الصور والأعراض وهو عدمها لنفسها في الزمان الثاني من زمان وجودها وهو خلع لأنه رد الوجود الذي أعطاها عليه لأنه بمنزلة الصداق لعين هذا الممكن الخاص فإن قلت فالحق لا يتصف بالوجود الحادث فمن قبل هذا المردود وأين خزانته ولا بد له من محل قلنا تجلى الحق في الصور وتحوله الذي جاء به الشرع إلينا ورأيناه كشفا عموما وخصوصا هو عين ما ردته الممكنات الصورية والعرضية من الوجود حين انعدمت فالحق له نسبتان في الوجود نسبة الوجود النفسي الواجب له ونسبة الوجود الصوري وهو الذي يتجلى فيه لخلقه إذ من المحال أن يتجلى في الوجود النفسي الواجب له لأنه لا عين لنا ندركه بها إذ نحن في حال عدمنا ووجودنا مرجحين لم يزل عنا حكم الإمكان فلا نراه إلا بنا أي من حيث تعطيه حقائقنا فلا بد أن يكون تجليه في الوجود الصوري وهو الذي يقبل التحول والتبدل فتارة يوصف به الممكن الذي يختلع به وتارة يظهر به الحق في تجليه فانظر يا ولي في هذا الموطن فإنه موطن خفي جدا ولولا لسان الشرع الذي أومأ إليه ونبه عليه ما أفصحنا عنه لأهل طريقنا فإن الكثير من أهل طريق الله وإن شهدوا تجلى الحق لكن لا معرفة لهم بذلك ولا بما رأوه ولا صورة ما هو الأمر عليه ومن علم ما قررناه من بيان قصد الشرع فيه علم كيف صدور العالم وما هو العالم وما يبقى عينه من العالم وما يفنى منه وما يرثه الحق من العالم فإنه القائل إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون وما ورث على الحقيقة إلا الوجود الذي يتجلى فيه لمن ظهر من خلقه الذي اختلعت فيه صور الممكنات وأعراضها لأن الوارث لا يكون مع وجود الموروث عنه وبقائه وإنما يكون بعد انتقاله وعدمه من هذا الموطن وهو اتصافه بالعدم وليس ذلك إلا للصور والأعراض فهو وارث على الدوام والاختلاع واقع على الدوام والقبول حاصل على الدوام والنكاح لازم على الدوام وهذا معنى الديمومة المنسوبة إلى الحق فهو تعالى يعمل مع كونه لم يزل موجدا للعالم ولم يزل العالم محدثا فالعالم له حكم الحدوث في عين القدم فلا يعقل له طرف ينتهي إليه لأنه من ذاته لم يزل تحت حكم الترجيح الإلهي له إما بالعدم أو بالوجود وإذا تقرر هذا في النسبة الإلهية فلنذكر حكم النسبة الروحانية في هذه المسألة وذلك أن الوجود الذي ذكرناه في النسبة الإلهية هو الوجه الخاص الذي لكل ممكن من الله سواء كان هناك سبب وضعي أو لم يكن فالله الإيجاد على كل حال وبكل وجه علوا وسفلا وأما النكاح الروحاني فحضرته الطبيعة وهي الأهل الأصلي في النكاح الإلهي فإذا ولدت في النكاح الأول صورة من الصور كانت تلك الصورة أهلا لهذا الروح الكل فأنكحه الحق إياها فبنى بها فلما واقعها ظهر عن ذلك الوقاع ولد وهو الروح الجزئي فحييت به تلك الصورة وصار هذا الولد يقوم بها ويدبرها ويسعى عليها ويسافر ويقتحم الأخطار ليكتسب ما يجود به عليها حسا ومعنى أي من الأرزاق المحسوسة والمعنوية والعرس الذي يكون لهذا النكاح الروحاني إنما تقيمه القوي التي لا ظهور لها إلا في هذه الصورة الطبيعية بوجود هذا النكاح فيقع لها الالتذاذ والفرح بما يحصل لها من الأثر بوجود هذا البناء وأما النكاح الطبيعي فهو ما تطلبه هذه الأرواح الجزئية المدبرة لهذه الصور من اجتماع الصورتين الطبيعية بالالتحام
(٥١٦)