فيه فعله فاعمل به لأمره وهذا معنى قول الله إن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله وما رأينا أحدا ممن رأيناه أو سمعنا عنه عمل على هذا القدم إلا رجل كبير باليمن يقال له الحداد رآه الشيخ ربيع بن محمود المارديني الخطاب وأخبر أنه كان على هذا الحال من الاقتداء أخبرني بذلك صاحبي الخادم عبد الله بدر الحبشي عن الشيخ ربيع فلتتبعه في كل شئ لأن الله يقول لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ما لم يخصص شيئا من ذلك بنهي عن فعله وقال ص صلوا كما رأيتموني أصلي وقال في الحج خذوا عني مناسككم وإذا حججت فإن قدرت على الهدى فأدخل به محرما بالحج أو العمرة وإن حجت مرة أخرى فأدخل أيضا إن قدرت على الهدى محرما بالحج وإن لم تجد هديا فاحذر أن تدخل محرما بالحج لكن ادخل متمتعا بعمرة مفردة فإذا طفت وسعيت فحل من إحرامك الحل كله ثم بعد ذلك أحرم بالحج وأنسك نسيكة كما أمرت واعزم على أن لا تخل بشئ من أفعاله وما ظهر من أحواله مما أبيح لك من ذلك والتزم آدابه كلها جهد الاستطاعة لا تترك شيئا من ذلك إذا ورد مما أنت مستطيع عليه فإن الله ما كلفك إلا وسعك فابذله ولا تترك منه شيئا فإن النتيجة لذلك عظيمة لا يقدر قدرها وهي محبة الله إياك وقد علمت حكم الحب في المحب وأما الوارث المعنوي فما يتعلق بباطن الأحوال من تطهير النفس من مذام الأخلاق وتحليتها بمكارم الأخلاق وما كان عليه صلى الله عليه وسلم من ذكر ربه على كل أحيانه وليس إلا الحضور والمراقبة لآثاره سبحانه في قلبك وفي العالم فلا يقع في عينك ولا يحصل في سمعك ولا يتعلق بشئ قوة من قواك إلا ولك في ذلك نظر واعتبار إلهي تعلم موقع الحكمة الإلهية في ذلك فهكذا كان حال رسول الله ص فيما روت عنه عائشة وكذلك إن كنت من أهل الاجتهاد في الاستنباط للأحكام الشرعية فأنت وارث نبوة شرعية فإنه تعالى قد شرع لك في تقرير ما أدى إليه اجتهادك ودليلك من الحكم أن تشرعه لنفسك وتفتي به غيرك إذا سألت وإن لم تسأل فلا فإن ذلك أيضا من الشرع الذي أذن الله لك فيه ما هو من الشرع الذي لم يأذن به الله واعلم أن الاجتهاد ما هو في أن تحدث حكما هذا غلط وإنما الاجتهاد المشروع في طلب الدليل من كتاب أو سنة وإجماع وفهم عربي على إثبات حكم في تلك المسألة بذلك الدليل الذي اجتهدت في تحصيله والعلم به في زعمك هذا هو الاجتهاد فإن الله تعالى ورسوله ما ترك شيئا إلا وقد نص عليه ولم يتركه مهملا فإن الله تعالى يقول اليوم أكملت لكم دينكم وبعد ثبوت الكمال فلا يقبل الزيادة فإن الزيادة في الدين نقص من الدين وذلك هو الشرع الذي لم يأذن به والله ومن الورث المعنوي ما يفتح عليك به من الفهم في الكتاب وفي حركات العالم كله وأما الورث الإلهي فهو ما يحصل لك في ذاتك من صور التجلي الإلهي عند ما يتجلى لك فيها فإنك لا تراه إلا به فإن الحق بصرك في ذلك الموطن ولا يتكرر عليك صورة تجل فقد انتقل عنها وحصل لك نظيرها في ذاتك وفي ملكك ولذلك تقول في الآخرة عموما للشئ إذا أردته كن فيكون وفي الدنيا خصوصا فالحق لك في الدنيا محل تكوينك فإنه يتنوع لتنوعك وفي الآخرة تتنوع لتنوعه فهو في الدنيا يلبس صورتك وأنت في الآخرة تلبس صورته فانظر ما أعجب هذا الأمر وكذلك لك في الميراث الإلهي في مراتب العدد فقد يكون الحق رابع ثلاثة فإذا جئت أنت وانضممت إلى الثلاثة فربعتهم لا يكون ذلك لك حتى ينتقل الحق إلى مرتبة الخمسة فيكون خامس أربعة بعد ما قد كان رابع ثلاثة فأخلي لك المرتبة فورثتها وكذلك في كل جماعة تنضم إليها هذا حكم الميراث في الدنيا وأما في ميراث الخصوص وفي الآخرة فإنه رابع أربعة في حال كونك أنت رابع تلك الأربعة فإنك في الدنيا في الخصوص جئت بصورة حق وفي الآخرة كذلك أنت صورة حق ولهذا كفر أي ستر من قال إن الله ثالث ثلاثة فستر نفسه بربه لأنه هو عين ثالث الثلاثة ورأى نفسه حقا لا خلقا إلا من حيث الصورة الجسدية لا من حيث ما هي به موصوفة فهو حق في خلق فستر خلقه بما شهده من الحق القائم به المنصوص عليه في العموم بأنه جميع قوى عبده وصفاته إذا كان من أهل الخصوص فقال عن نفسه إن الله ثالث ثلاثة ثم بين الحق تعالى عقيب هذا القول فقال وما من إله إلا إله واحد وهو الذي ثلث الثلاثة فالاثنان من العامة والذي ثلثهم بخلقه هو الثالث خلقا بخلقه ثم إنه قد علم أن الحق جميع قواه وأشهده الحق أنه مع الاثنين مثل ما هو معه إلا أنه حجب عنهم علم ذلك فقالوا بالخلق دون حق فقال هذا الخاص إن الله ثالث ثلاثة لأنه
(٥٠٢)