رجال الله يقال له عبد ربه اعلم أن الربوبية نعت إضافي لا ينفرد به أحد المتضايفين عن الآخر فهي موقوفة على اثنين ولا يلزم أن لا يكونا متباينين فقد يكونان متباينين وقد يكونان غير متباينين فما لك بلا ملك لا يكون وجودا وتقديرا ومليك بلا ملك لا يكون كذلك والرب بلا مربوب لا يصح وجودا وتقديرا وهكذا كل متضايفين فنسبة العالم إلى ما تعطيه حقائق بعض الأسماء الإلهية نسبة المتضايفين من الطرفين فالعالم يطلب تلك الأسماء الإلهية وتلك الأسماء الإلهية تطلب العالم كالاسم الرب والقادر والخالق والنافع والضار والمحيي والمميت والقاهر والمعز والمذل إلى أمثال هذه الأسماء وثم أسماء إلهية لا تطلب العالم ولكن يستروح منها نفس من أنفاس العالم من غير تفصيل كما يفصل بين هذه الأسماء التي ذكرناها آنفا فأسماء الاسترواح كالغني والعزيز والقدوس وأمثال هذه الأسماء وما وجدنا لله أسماء تدل على ذاته خاصة من غير تعقل معنى زائد على الذات فإنه ما ثم اسم إلا على أحد أمرين إما ما يدل على فعل وهو الذي يستدعي العالم ولا بد وإما ما يدل على تنزيه وهو الذي يستروح منه صفات نقص كوني تنزه الحق عنها غير ذلك ما أعطانا الله فما ثم اسم علم ما فيه سوى العلمية لله أصلا إلا إن كان ذلك في علمه أو ما استأثر الله به في غيبه مما لم يبده لنا وسبب ذلك لأنه تعالى ما أظهر أسماءه لنا إلا للثناء بها عليه فمن المحال أن يكون فيها اسم علمي أصلا لأن الأسماء الأعلام لا يقع بها ثناء على المسمى لكنها أسماء أعلام للمعاني التي تدل عليها وتلك المعاني هي التي يثنى بها على من ظهر عندنا حكمه بها فينا وهو المسمى بمعانيها والمعاني هي المسماة بهذه الأسماء اللفظية كالعالم والقادر وباقي الأسماء فلله الأسماء الحسنى وليست إلا المعاني لا هذه الألفاظ فإن الألفاظ لا تتصف بالحسن والقبح إلا بحكم التبعية لمعانيها الدالة عليها فلا اعتبار لها من حيث ذاتها فإنها ليست بزائدة على حروف مركبة ونظم خاص يسمى اصطلاحا فافهم ذلك نش ء صورة الركعة الإحدى عشرة من الوتر انتشأ منها صورة رجل من رجال الله يقال له عبد الفرد اعلم أن الفردية لا يعقلها المنصف إلا بتعقل أمر آخر عنه انفرد هذا المسمى فردا بنعت لا يكون فيمن انفرد عنه إذ لو كان فيه ما صح له أن ينفرد به فلم يكن ينطلق عليه اسم الفرد فلا بد من ذلك الذي انفرد عنه أن يكون معقولا وليس إلا الشفع والأمر الذي انفرد به الفرد إنما هو التشبه بالأحدية وأول الأفراد الثلاثة فالواحد ليس بفرد فإن الله وصف بالكفر من قال إن الله ثالث ثلاثة فلو قال ثالث اثنين لما كان كافرا فإنه تعالى ثالث اثنين ورابع ثلاثة وخامس أربعة بالغا ما بلغ وهو قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فمن كان في أحديته فهو تعالى ثاني واحده ومن كان في تثنيته فهو ثالث اثنينيته ومن كان في تثليثه فهو تعالى رابع ثلاثة بالغا ما بلغ فهو مع المخلوقين حيث كانوا فالخالق لا يفارقهم لأن مستند الخلق إنما هو للاسم الخالق استنادا صحيحا لا شك فيه وإن كان هذا الاسم يستدعي عدة معان فهو يطلبها أعني الاسم الخالق بذاته لكل معنى منها أثر في المخلوق لا في الخالق فالخالق لهذه المعاني كالجامع خاصة وأثرها في المخلوق لا فيه فالحق لا ينفرد في الأربعة بالرابع وإنما ينفرد في الأربعة بالخامس لأنه ليس كمثله شئ ولو كان عين الرابع من الأربعة لكان مثلها وكل واحد من الأربعة عين الرابع للأربعة من غير تخصيص ولو كان هذا لكان الواحد من الأربعة يربع الحق بوجوده وليس الأمر كذلك وهكذا في كل عدد فمتى فرضت عددا فاجعل الحق الواحد الذي يكون بعد ذلك العدد اللاصق به ولا بد فإنه يتضمنه فالخامس للأربعة يتضمن الأربعة ولا تتضمنه فهو يخمسها وهي لا تخمسه فإنها أربعة لنفسها وهكذا في كل عدد وإنما كان هذا لحفظ العدد على المعدودات والحفظ لا يكون إلا لله وليس الله سوى الوحد فلا بد أن يكون الواحد أبدا له حفظ ما دونه من شفع ووتر فهو يوتر الشفع ويشفع الوتر فيقال رابع ثلاثة وخامس أربعة ولا يقال فيه خامس خمسة ولا رابع أربعة ولا عاشر عشرة فالحكماء يقولون في الفردية إنها الوتر من كل عدد من الثلاثة فصاعدا في كل وتر منها كالخامس والسابع والتاسع فبين كل فردين مقام شفعية وبين كل شفعين مقام فردية هذا عند الحكماء وعندنا ليس كذلك فإن الفردية تكون للواحد الذي يشفع الوتر وللواحد الذي يوتر الشفع الذي هو عند الحكماء فرد ولولا ذلك ما صح أن تقول في فردية الحق إنه رابع ثلاثة وسادس خمسة وأدنى من ذلك وأكثر وهو فرد في كل نسبة فتارة ينفرد بتشفيع الوتر وتارة بإيثار الشفع وهو قوله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم فما بين في فرديته بالذكر المعين إلا فردية تشفيع الوتر الذي لا يقول به
(٤٩٩)