ليجدوا العذر في إثباتها فمن أثبتها جعلا فهو صاحب عبادة ومن أثبتها عقلا فهو مشرك وإن كان مؤمنا فما كل مؤمن موحد عن بصيرة شهودية أعطاه الله إياها وفيه علم رتبة المباح من الشرائع وما حدوه به من أنه لا أجر فيه ولا وزر حد صحيح أم لا وهل فيه حصول الأجر في فعله وتركه وما ينظر إليه من أفعال الله ومما يحكم به في الله فإنه لا يماثلها إلا الاختيار المنسوب إلى الله فإن لم يثبت هنالك اختيار على حد الاختيار فلا يثبت هنا مباح على حد المباح لأنه ما هو ثم وفيه علم ما يعلمه المخلوق وأنه محدود مقيد لا ينسب إليه الإطلاق في العلم به فإن ذلك من خصائص الحق سبحانه وتعالى وفيه علم اختلاف الطبائع فيمن تركب منها وبما ذا اختلف من لا طبيعة له ولولا حكم الاختلاف فيمن لا طبيعة له ما ظهر الاختلاف في الطبيعة كما أنه لولا اختلاف الطبيعة ما ظهر خلاف فيما تألف منها وهو علم عجيب في المفرد العين والمفرد الحكم فبالقوابل ظهر الخلاف بالفعل وهو في المفرد بالقوة وفيه علم حكمة توقف العالم بعضه على بعض فيما يستفاد منه مع التمكن من ذلك دونه وفيه علم رتبة من كثرت علومه ممن قلت علومه ومن قلت علومه عن كثرة أو من قلت لا عن كثرة وإن كان الشرف عند بعضهم في قلة العلم فلما ذا أمر الله عز وجل رسوله ص أن يطلب الزيادة من العلم والزيادة كثرة ومن كان علمه من المعلومات وإن كثرت أحدية كل معلوم التي هي عين الدلالة على أحدية الحق فهو صاحب علم واحد ولا أقل من الواحد في معلومات كثيرة مجمل كل معلوم أحدية هي معلومة للعالم بالله وحده وما نبه على هذه المسألة إلا ابن السيد البطليوسي فإنه قال فيما وقفنا عليه من كلامه إن الإنسان كلما علا قدره في العالم قلت علومه وكلما نزل عن هذه المرتبة الشريفة اتسعت علومه وأعني العلم بالأفعال وأعني بالقلة العلم بالذات من طريق الشهود وكان رأيه في علم التوحيد رأى الفيثاغوريين وهم القوم الذين أثبتوا التوحيد بالعدد وجعلوه دليلا على أحدية الحق وعلى ذلك جماعة من العقلاء وفيه علم العلم الثابت الذي لا يقبل الزوال في الدنيا ولا الآخرة وفيه علم نصب الأدلة لمن لا يعرف الأمر إلا بالنظر الفكري وفيه علم ما لا يمكن أن ينسب إلا إلى الله فإن نسب إلى غير الله دل عند من يعرف ذلك العلم على جهل من ينسبه إلى غير الله بالله وفيه علم كون الموجودات كلها نعما إلهية أنعم الله بها وعلم من هو الذي أنعم الله بها عليه وهل هو هذا المنعم عليه من جملة النعم فيكون عين النعمة عين المنعم اسم مفعول فاعلم ذلك وفيه علم الموت في الحياة والحياة في الموت ومن هو الحي الذي لا يموت والميت الذي لا يحيا ومن يموت ويحيا ومن لا يموت ولا يحيا وفيه علم سبب وجود الإنكار في العالم ولما ذا يستند من الحضرة الإلهية وهل قوله لعبده عند ما ينسب إليه ما ظهر عليه من الأمور التي نهى أن يعملها وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنكار إلهي عن نسبة ذلك الفعل إلى الله ولما ذا سمي منكرا وهو معروف وقوله الذين يأمرون بالمعروف وهو الأمر بما هو معلوم له وينهون عن المنكر وهو أن يأمر بما ليس معلوما عنده من النكرة التي لا تتعرف ولما كان المنكر فعل ما أمر بتركه أو ترك ما أمر بفعله ولا يوصف بأنه أتى منكرا حتى يعلم أنه مأمور به ذلك العمل أو منهي عنه فصح له اسم المنكر لما يحصل للعبد من الحيرة في ذلك وعدم تخلصه إلى أحد الجانبين فإن نسبه إلى الحق في بعض الأمور عارضه الأدب أو الدليل الحسي والعقلي والسمعي فيسلب عن ذلك العمل نعت المعرفة ويلحقه بالنكرة ولما اختص المنكر بالمذموم من الأفعال لا بالمحمود وفيه علم ذم الله المتكبر والكبرياء صفته وقد علم الله عز وجل أنه لا يدخل قلب إنسان الكبر على الله ولكن يدخله الكبر على خلق الله وهو الذي يزال منه وحينئذ يدخل الجنة فإنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر على غير الله حتى يزال وأما على الله فمحال فإن الله قد طبع على القلوب التواضع له وإن ظهر من بعض الأشخاص صورة الكبرياء على أمر الله وهو الذي جاءت به الوسائط وهم الرسل ع من الله لا على الله فإنه يستحيل الكبرياء من المخلوق عليه لأن الافتقار له ذاتي ولا يمكن للإنسان أن يجهل ذاته وفيه علم الحيل والكفالة وانتقال الحق إلى الكفيل من الذي عليه الحق وبراءة من انتقل الحق عنه منه وفيه علم السبب الذي أوجب للإنسان أن يؤخذ من مأمنه وفيه علم التسليم والتفويض وفيه علم اختلاف أحوال الخلق عند الموت ما سبب ذلك ولما ذا لم يقبضوا على الفطرة كما ولدوا عليها وما الذي أخرجهم عن الفطرة أو أخرج بعضهم وما هي الفطرة وهل يصح
(٣٥٨)