الذي أوصاني قال نعم قلت له الحمد لله هذي فائدة ومع هذا فما هو الأمر إلا كما ذكرت لك فلما كان بعد مدة دخلت على الشيخ فوجدته قد رجع إلى قولي في تلك المسألة وقال لي إني كنت على غلط فيها وأنت المصيب فقلت له يا سيدي علمت الساعة أن الخضر ما أوصاني إلا بالتسليم ما عرفني بأنك مصيب في تلك المسألة فإنه ما كان يتعين على نزاعك فيها فإنها لم تكن من الأحكام المشروعة التي يحرم السكوت عنها وشكرت الله على ذلك وفرحت للشيخ الذي تبين له الحق فيها وهذا عين الحياة ماء خص الله به من الحياة شارب ذلك الماء ثم عاد إلى أصحابه فأخبرهم بالماء فسارع الناس إلى ذلك الموضع ليستقوا منه فأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يقدروا عليه فهذا ما أنتج له سعيه في حق الغير وكذلك من والى في الله وعادى في الله وأحب في الله وأبغض في الله فهو من هذا الباب قال الله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه فما يدري أحد ما لهم من المنزلة عند الله لأنهم ما تحركوا ولا سكنوا إلا في حق الله لا في حق أنفسهم إيثار الجناب الله على ما يقتضيه طبعهم وأما الوقوف على علم الغيب الذي يحتاج إليه في الكون خاصة في مدة خاصة وهي تاسع مسألة ليس وراءها ما يحتاج إليه الإمام في إمامته وذلك أن الله تعالى أخبر عن نفسه أنه كل يوم هو في شأن والشأن ما يكون عليه العالم في ذلك اليوم ومعلوم أن ذلك الشأن إذا ظهر في الوجود عرف أنه معلوم لكل من شهده فهذا الإمام من هذه المسألة له اطلاع من جانب الحق على ما يريد الحق أن يحدثه من الشؤون قبل وقوعها في الوجود فيطلع في اليوم الذي قبل وقوع ذلك الشأن على ذلك الشأن فإن كان مما فيه منفعة لرعيته شكر الله وسكت عنه وإن كان مما فيه عقوبة بنزول بلاء عام أو على أشخاص معينين سأل الله فيهم وشفع وتضرع فصرف الله عنهم ذلك البلاء برحمته وفضله وأجاب دعاءه وسؤاله فلهذا يطلعه الله عليه قبل وقوعه في الوجود بأصحابه ثم يطلعه الله في تلك الشؤون على النوازل الواقعة من الأشخاص ويعين له الأشخاص بحليتهم حتى إذا رآهم لا يشك فيهم أنهم عين ما رآه ثم يطلعه الله على الحكم المشروع في تلك النازلة الذي شرع الله لنبيه محمد ص أن يحكم به فيها فلا يحكم إلا بذلك الحكم فلا يخطئ أبدا وإذا أعمى الله الحكم عليه في بعض النوازل ولم يقع له عليه كشف كان غايته أن يلحقها في الحكم بالمباح ويعلم بعدم التعريف إن ذلك حكم الشرع فيها فإنه معصوم عن الرأي والقياس في الدين فإن القياس ممن ليس بنبي حكم على الله في دين الله بما لا يعلم فإنه طرد علة وما يدريك لعل الله لا يريد طرد تلك العلة ولو أرادها لأبان عنها على لسان رسوله ص وأمر بطردها هذا إذا كانت العلة مما نص الشرع عليها في قضية فما ظنك بعلة يستخرجها الفقيه بنفسه ونظره من غير أن يذكرها الشرع بنص معين فيها ثم بعد استنباطه إياها يطردها فهذا تحكم على تحكم بشرع لم يأذن به الله وهذا يمنع المهدي من القول بالقياس في دين الله ولا سيما وهو يعلم أن مراد النبي ص التخفيف في التكليف عن هذه الأمة ولذلك كان يقول ص اتركوني ما تركتكم وكان يكره السؤال في الدين خوفا من زيادة الحكم فكل ما سكت له عنه ولم يطلع على حكم فيه معين جعله عاقبة الأمر فيه الحكم بحكم الأصل وكل ما أطلعه الله عليه كشفا وتعريفا فذلك حكم الشرع المحمدي في المسألة وقد يطلعه الله في أوقات على المباح أنه مباح وعاقبة فكل مصلحة تكون في حق رعاياه يطلعه الله عليها ليسأله فيها وكل فساد يريد الله أن يوقعه برعاياه فإن الله يطلعه عليه ليسأل الله في رفع ذلك عنهم لأنه عقوبة كما قال ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون فالمهدي رحمة كما كان رسول الله ص رحمة قال الله عز وجل وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين والمهدي يقفو أثره لا يخطئ فلا بد أن يكون رحمة كان رسول الله ص يقول لما جرح اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون يعتذر لربه عنهم ولما علم أنه بشر وأن أحكام البشرية قد تغلب عليه في أوقات دعا ربه فقال اللهم إنك تعلم أني بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر يعني أغضب عليهم وأرضى لنفسي اللهم من دعوت عليه فاجعل دعائي عليه رحمة له ورضوانا فهذه تسعة أمور لم تصح لإمام من أئمة الدين خلفاء الله ورسوله بمجموعها إلى يوم القيامة إلا لهذا الإمام المهدي كما أنه ما نص رسول الله
(٣٣٧)