خمسا أو سبعا أو تسعا في إقامة المهدي وجميع ما يحتاج إليه مما يكون قيام وزرائه به تسعة أمور لا عاشر لها ولا تنقص عن ذلك وهي نفوذ البصر ومعرفة الخطاب الإلهي عند الإلقاء وعلم الترجمة عن الله وتعيين المراتب لولاة الأمر والرحمة في الغضب وما يحتاج إليه الملك من الأرزاق المحسوسة والمعقولة وعلم تداخل الأمور بعضها على بعض والمبالغة والاستقصاء في قضاء حوائج الناس والوقوف على علم الغيب الذي يحتاج إليه في الكون في مدته خاصة فهذه تسعة أمور لا بد أن تكون في وزير الإمام المهدي إن كان الوزير واحدا أو وزرائه إن كانوا أكثر من واحد فأما نفوذ البصر فذلك ليكون دعاؤه إلى الله على بصيرة في المدعو إليه لا في المدعو فينظر في عين كل مدعو ممن يدعوه فيرى ما يمكن له الإجابة إلى دعوته فيدعوه من ذلك ولو بطريق الإلحاح وما يرى منه أنه لا يجيب دعوته يدعوه من غير إلحاح لإقامة الحجة عليه خاصة فإن المهدي حجة الله على أهل زمانه وهي درجة الأنبياء التي تقع فيها المشاركة قال الله تعالى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني أخبر بذلك عن نبيه ص فالمهدي ممن اتبعه وهو ص لا يخطئ في دعائه إلى الله فمتبعه لا يخطئ فإنه يقفو أثره وكذا ورد الخبر في صفة المهدي أنه قال ص يقفو أثري لا يخطئ وهذه هي العصمة في الدعاء إلى الله وينالها كثير من الأولياء بل كلهم ومن حكم نفوذ البصر أن يدرك صاحبه الأرواح النورية والنارية عن غير إرادة من الأرواح ولا ظهور ولا تصور كابن عباس وعائشة رضي الله عنهما حين أدركا جبريل ع وهو يكلم رسول الله ص على غير علم من جبريل بذلك ولا إرادة منه للظهور لهم فأخبرا بذلك رسول الله ص ولم يعلما أنه جبريل ع فقال لها ص أو قد رأيتيه وقال لابن عباس أرأيته قالا نعم قال ذلك جبريل وكذلك يدركون رجال الغيب في حال إرادتهم الاحتجاب وأن لا يظهروا للأبصار فيراهم صاحب هذا الحال ومن نفوذ البصر أيضا إنهم إذا تجسدت لهم المعاني يعرفونها في عين صورها فيعلمون أي معنى هو ذلك الذي تجسد من غير توقف (وصل) وأما معرفة الخطاب الإلهي عند الإلقاء فهو قوله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فأما الوحي من ذلك فهو ما يلقيه في قلوبهم على جهة الحديث فيحصل لهم من ذلك علم بأمر ما وهو الذي تضمنه ذلك الحديث وإن لم يكن كذلك فليس بوحي ولا خطاب فإن بعض القلوب يجد أصحابها علما بأمر ما من العلوم الضرورية عند الناس فذلك علم صحيح ليس عن خطاب وكلامنا إنما هو في الخطاب الإلهي المسمى وحيا فإن الله تعالى جعل مثل هذا الصنف من الوحي كلاما ومن الكلام يستفيد العلم بالذي جاء له ذلك الكلام وبهذا يفرق إذا وجد ذلك وأما قوله تعالى أو من وراء حجاب فهو خطاب إلهي يلقيه على السمع لا على القلب فيدركه من ألقى عليه فيفهم منه ما قصد به من أسمعه ذلك وقد يحصل له ذلك في صور التجلي فتخاطبه تلك الصورة الإلهية وهي عين الحجاب فيفهم من ذلك الخطاب علم ما يدل عليه ويعلم أن ذلك حجاب وأن المتكلم من وراء ذلك الحجاب وما كل من أدرك صورة التجلي الإلهي يعلم أن ذلك هو الله فما يزيد صاحب هذه الحال على غيره إلا بأن يعرف أن تلك الصورة وإن كانت حجابا فهي عين تجلى الحق له وأما قوله تعالى أو يرسل رسولا فهو ما ينزل به الملك أو ما يجئ به الرسول البشري إلينا إذا نقلا كلام الله خاصة مثل التالي قال تعالى فأجره حتى يسمع كلام الله وقوله تعالى وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا وقوله تعالى نودي أن بورك من في النار ومن حولها فإن نقلا علما وأفصحا عنه ووجداه في أنفسهما فذلك ليس بكلام إلهي وقد يكون الرسول والصورة معا وذلك في نفس الكتابة فالكتاب رسول وهو عين الحجاب على المتكلم فيفهمك ما جاء به ولكن لا يكون ذلك إذا كتب ما علم وإنما يكون ذلك إذا كتب عن حديث يخاطبه به تلك الحروف التي يسطرها ومتى لم يكن كذلك فما هو كلام هذا هو الضابط فاللقاء للرسل والإلقاء للخبر الإلهي بارتفاع الوسائط من كونه كلمه لا غير والكتابة رقوم مسطرة حيث كانت لم تسطر إلا عن حديث ممن سطرها لا عن علم فهذا كله من الخطاب الإلهي لصاحب هذا المقام و أما علم الترجمة عن الله فذلك لكل من كلمه الله في الإلقاء والوحي فيكون المترجم خلاقا لصور الحروف اللفظية أو المرقومة التي يوجدها ويكون روح تلك الصور كلام الله لا غير فإن ترجم عن علم فما هو مترجم لا بد من ذلك يقول
(٣٣٢)