نفسها فإن العلم الذي يكون عليه ويجده عند هذا الاستعداد ليس بعلم ميراث ولا للحق إليه نظر نبوي بل غايته إن يتلقى من الأرواح الملكية بقدر ما هو عليه من المناسبة ومن الله على قدر ما أعطاه نظره الفكري لأنه لا كشف له ألبتة من الله لأن ذلك من خصائص الأنبياء ع ومتبعيهم لا من قال بهم ولم يتبع واحدا منهم على التعيين من أصحاب التعريف ولا عمل عملا في زمان الفترة لقول نبي وإن وافق بعمله عمل نبي لكنه غير مقصود له الاتباع فإن الإلقاء إليه دون الإلقاء إلى الوارث العامل على ذلك لقول ذلك النبي وبين العلمين بون عظيم وتمييز ذوقي مشهود جعلنا الله وإياكم من الوارثين وكل من أظهر اعتقاد النبوة وصرف ما جاءت به من الأحكام الظاهرة إلى معان نفسية لم تكن من قصد النبي بما ظهر عنه ما اعتقدته العامة من ذلك فإنه لا يحصل على طائل من العلم ومن اعتقد فيما جاء به هذا النبي أنه في الظاهر والعموم على ما هو عليه حق كله وله زيادة مصرف آخر مع ثبوت هذه المعاني فجمع بين الحس والمعنى في نظره فذلك الوارث العالم الذي شاهد الحق على ما هو عليه وهذا لا يحصل إلا بالتعمل وليس معنى التعمل أن يقول هذا الذي ليس له هذا الاعتقاد ثم يسمع به مني أو من غيري فيقول أنا أعتقده وأربط نفسي به فإن كان ما قاله حقا فإنا له وإن لم يكن فما يضرني فمثل هذا لا ينفعه ولا يفتج له فيه لأنه غير مصدق به على القطع بل هو صاحب تجربة وأين الايمان من الشك والتجربة فهذا أعمى البصيرة ناقص النظر فإنه لو صح منه النظر الفكري في الأدلة لعثر على وجه الدلالة فانقدح له المطلوب وأسفر له عن الأمر على ما هو عليه كما أسفر لغيره ممن وفى النظر حقه فإنه إذا وفى الناظر نظره حقه لزمه الايمان ملازمة الظل للشخص لأنهما مزدوجان فإنه يطلع بعين الدليل على رتبة هذا المسمى بالنبي والشارع عند الله فمن المحال أن يشهده ذوقا ولا يتبعه حالا هذا ما لا يتصور ولقد آمنا بالله وبرسوله وما جاء به مجملا ومفصلا مما وصل إلينا من تفصيله وما لم يصل إلينا أو لم يثبت عندنا فنحن مؤمنون بكل ما جاء به في نفس الأمر أخذت ذلك عن أبوي أخذ تقليد ولم يخطر لي ما حكم النظر العقلي فيه من جواز وإحالة ووجوب فعملت على إيماني بذلك حتى علمت من أين آمنت وبما ذا آمنت وكشف الله عن بصري وبصيرتي وخيالي فرأيت بعين البصر ما لا يدرك إلا به ورأيت بعين الخيال ما لا يدرك إلا به ورأيت بعين البصيرة ما لا يدرك إلا بها فصار الأمر لي مشهودا والحكم المتخيل المتوهم بالتقليد موجودا فعلمت قدر من اتبعته وهو الرسول المبعوث إلى محمد ص وشاهدت جميع الأنبياء كلهم من آدم إلى محمد ع وأشهدني الله تعالى المؤمنين بهم كلهم حتى ما بقي منهم من أحد ممن كان ويكون إلى يوم القيامة خاصهم وعامهم ورأيت مراتب الجماعة كلها فعلمت أقدارهم واطلعت على جميع ما آمنت به مجملا مما هو في العالم العلوي وشهدت ذلك كله فما زحزحني علم ما رأيته وعاينته عن إيماني فلم أزل أقول وأعمل ما أقوله وأعمله لقول النبي ص لا لعلمي ولا لعيني ولا لشهودي فواخيت بين الايمان والعيان وهذا عزيز الوجود في الاتباع فإن مزلة الاقدام للأكابر إنما تكون هنا إذا وقعت المعاينة لما وقع به الايمان فتعمل على عين لا على إيمان فلم يجمع بينهما ففاته من الكمال أن يعرف قدره ومنزلته فهو وإن كان من أهل الكشف فما كشف الله له عن قدره ومنزلته فجهل نفسه فعمل على المشاهدة والكامل من عمل على الايمان مع ذوق العيان وما انتقل ولا أثر فيه العيان وما رأيت لهذا المقام ذائقا بالحال وإن كنت اعلم أن له رجالا في العالم لكن ما جمع الله بيني وبينهم في رؤية أعيانهم وأشخاصهم وأسمائهم فقد يمكن أن أكون رأيت منهم وما جمعت بين عينه واسمه وكان سبب ذلك أني ما علقت نفسي قط إلى جانب الحق أن يطلعني على كون من الأكوان ولا حادثة من الحوادث وإنما علقت نفسي مع الله أن يستعملني فيما يرضيه ولا يستعملني فيما يباعدني عنه وأن يخصني بمقام لا يكون لمتبع أعلى منه ولو أشركني فيه جميع من في العالم لم أتأثر لذلك فإني عبد محض لا أطلب التفوق على عباده بل جعل الله في نفسي من الفرح أني أتمنى أن يكون العالم كله على قدم واحدة في أعلى المراتب فخصني الله بخاتمة أمر لم يخطر لي ببال فشكرت الله تعالى بالعجز عن شكره مع توفيتي في الشكر حقه وما ذكرت ما ذكرته من حالي للفخر لا والله وإنما ذكرته لأمرين الأمر الواحد لقوله تعالى وأما بنعمة ربك فحدث وأية نعمة أعظم من هذه والأمر الآخر ليسمع صاحب همة فتحدث فيه همة لاستعمال نفسه فيما استعملتها فينال مثل هذا فيكون معي وفي درجتي فإنه
(٣٢٣)