الميزان ينظر في الذي وقع عليه اليمين فيخرج من الكفارة المخير فيها ما يناسب ما حلف عليه ما لم يكن فيها فمن لم يجد وكذلك في الفداء وهذا كله مما يكون فيه النظر ويؤدي إلى التنازع فالظاهر من هذا الأمر أن الملائكة لهم نظر فكري يناسب خلقهم ولهذا من الحقائق الإلهية قوله تعالى يدبر الأمر يفصل الآيات ثم ختم الآية لعلكم بلقاء ربكم توقنون أي تثبتون على موازين الحكم ومما يؤيد هذه الحالة قوله تعالى في الأخبار الإلهية ما ترددت في شئ أنا فاعله ترددي الحديث فوصف نفسه بالتردد الذي يوصف به المحدث من القوة المفكرة وهو في الملائكة اختصامهم فيما ذكرنا فإن كنت ذا فهم فانظر فيما دللنا به من الخبر الإلهي الصحيح وأما قوله في خصامهم في نقل الاقدام أو السعي إلى الجماعات له من الحقائق الإلهية من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا ومن أتاني يسعى أتيته هرولة وقوله تعالى ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وقوله ينزل ربنا إلى سماء الدنيا فافهم مناسبة هذه الصفة العملية من بني آدم من الحقائق الإلهية فكلامهم في مثل هذه أي الحقائق الإلهية أقرب مناسبة لهذا الفعل فاختلفوا وكذلك قوله إسباغ الوضوء على المكاره له من الحقائق الإلهية قوله تعالى في الأخبار الإلهية في قبضه نسمة عبده المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته فوصف نفسه بأنه يكره وكذلك من هذه الحقيقة يسبغ المؤمن الوضوء على كره منه من أجل شدة البرد فله الأجر أجر الكراهة من هذه الحقيقة الإلهية وكذلك قوله فيما يختصمون فيه التعقيب وهو الجلوس في المسجد بعد الفراغ من الصلاة له من الحقائق الإلهية قوله تعالى سنفرغ لكم أيه الثقلان وما تفرع لنا إلا منا قال تعالى يسأله من في السماوات ومن في الأرض كل يوم هو في شأن فالعبد إذا فرع من الصلاة فقعد في المسجد يذكر ربه تعالى عقيب الصلاة فانتقل من مناجاته في حالة ما إلى مناجاته في حالة غيرها في بيت واحد فمن مقام سنفرغ لكم يكون له الميزان على هذا العمل فقد ارتبطت هذه الأعمال بالحقائق الإلهية التي وقعت فيها المناظرة بين الملأ الأعلى وفيها تفاصيل يطول ذكرها من المناسبات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع وثلاثمائة في معرفة منزل تنزل الملائكة على الموقف المحمدي من الحضرة الموسوية المحمدية) تنسمت أرواح العلى حين هبت * ومرت سحبرا بالرياض فنمت أفي عالم الأنفاس من هو مثلنا * وهل حبهم فيها كمثل محبتي فقال لسان الحق إن مسيركم * على السنة المثلى دليل تتمتي فأظهرت عنكم سر جودي ونقمتي * وأخفيت فيكم سر علمي وحكمتي فمن كان ذا عين يرى ما جلوته * ومن كان أعمى فهو من أصل حيرتي فكل مقام فهو من عين جوده * وكل كيان فهو من أصل نشأتي اعلم أيها الولي الحميم أن الله جعل من السماء إلى الأرض معارج على عدد الخلائق وما في السماوات موضع قدم إلا وهو معمور بملك يسبح الله ويذكره بما قد حد له من الذكر ولله تعالى في الأرض من الملائكة مثل ذلك لا يصعدون إلى السماء أبدا وأهل السماوات لا ينزلون إلى الأرض أبدا كل قد علم صلاته وتسبيحه وأن لله تعالى أرواحا من الملائكة الكرام مسخرة قد ولاهم الله تعالى وجعل بأيديهم ما أوحى الله في السماوات من الأمور التي قد شاء سبحانه أن يجريها في عالم العناصر وجعل سبحانه معارج الملائكة من الكرسي إلى السماوات ينزلون بالأوامر الإلهية المخصوصة بأهل السماوات وهي أمور فرقانية وجعل من العرش إلى الكرسي معارج لملائكة ينزلون إلى الكرسي بالكلمة الواحدة غير منقسمة إلى الكرسي فإذا أوصلت الكلمة واحدة العين إلى الكرسي انفرقت فرقا على قدر ما أراد الرحمن أن يجري منها في عالم الخلق والأمر ومن النفس رقائق ممتدة إلى العرش منقسمة إلى فرقتين للقوتين اللتين النفس عليهما وهو اللوح المحفوظ وهو ذو وجهين وتلك الرقائق التي بين اللوح والعرش بمنزلة المعارج للملائكة والمعاني النازلة في تلك الرقائق كالملائكة ومن النفس التي هي اللوح إلى العقل الذي هو القلم توجهات استفادة ومن العقل إليها توجهات إفادة ذاتية لا اختيار له فيها يحصل عن تلك التوجهات من العلوم للنفس بما يكون في الكون ما لا يحصى كثرة ومن
(٢٨)