ملك الله ثم ينصب المعراج من السماء الأولى إلى السماء الثانية فينزل فيه الأمر الإلهي وهو على صورة السماء الأولى فينصبغ بصورة المعراج الذي ينزل فيه ومعه الملائكة الموكلون به من السماء الأولى ومعه أرواح البروج والكواكب الثابتة كلها وينزل معه ملك من قوة كيوان لا بد من ذلك فإذا وصل إلى السماء الثانية تلقته ملائكتها وما فيها من أرواح الخلائق المتوفين وملائكة الهمم وقوة بهرام الذي في السماء الثانية فيعطيهم ما بيده لهم وينزل إلى الثالثة وهو على صورة الثانية فينصبغ بصورة السلم الذي ينزل فيه والحال الحال مثل ما ذكرنا إلى أن ينتهي إلى السماء السابعة وهي السماء الدنيا فإذا أدى إليهم ما بيده لهم ومعه قوة صاحب كل سماء فتحت أبواب السماء لنزوله ونزلت معه قوى جميع الكواكب الثوابت والسيارة وقوى الأفلاك وقوى الحركات الفلكية كلها وكل صورة انتقل عنها مبطونة فيه فكل أمر إلهي ينزل فهو اسم إلهي عقلي نفسي عرشي كرسي فهو مجموع صور كل ما مر عليه في طريقه فيخترق الكور ويؤثر في كل كرة بحسب ما تقبله طبيعتها إلى أن ينتهي إلى الأرض فيتجلى لقلوب الخلق فتقبله بحسب استعداداتها وقبولها متنوع وذلك هو الخواطر التي تجدها الناس في قلوبهم فبها يسعون وبها يشتهون وبها يتحركون طاعة كانت تلك الحركة أو معصية أو مباحة فجميع حركات العالم من معدن ونبات وحيوان وإنسان وملك أرضي وسماوي فمن ذلك التجلي الذي يكون من هذا الأمر الإلهي النازل إلى الأرض فيجد الناس في قلوبهم خواطر لا يعرفون أصلها وهذا هو أصلها ورسله إلى جميع ما في العالم الذي نزل إليه ما نزل معه من قوى الكواكب وحركات الأفلاك فهؤلاء هم رسل هذا الأمر الإلهي إلى حقائق هؤلاء العالم فتنمو به الناميات وتحيي به أمور ويموت به أمور ويظهر التأثيرات العلوية والسفلية في كل عالم بتلك الرسل التي يرسلها في العالم هذا الأمر الإلهي فإنه كالملك فيهم ولا يزال يعقبه أمر آخر ويعقب الآخر آخر في كل نفس بتقدير العزيز العليم فإذا نفذ فيهم أمره وأراد الرجوع جاءته رسله من كل موجود بما ظهر من كل من بعثوا إليه صورا قائمة فيلبسها ذلك الأمر الإلهي من قبيح وحسن ويرجع على معراجه من حيث جاء إلى أن يقف بين يدي ربه اسما إلهيا ظاهرا بكل صورة فيقبل منها الحق ما شاء ويرد منها ما شاء على صاحبها في صور تناسبها فجعل مقر تلك الصور حيث شاء من علمه فلا يزال تتابع الرسل إلى الأرض على هذه المعارج كما ذكرنا فلنذكر من ذلك حال أهل الله مع هذا الأمر الإلهي إذا نزل إليهم وذلك أن المحقق من أهل الله يعاين نزوله وتخلفه في الجو في الكور إذا فارق السماء الدنيا نازلا ثلاث سنين وحينئذ يظهر في الأرض فكل شئ يظهر في كل شئ في الأرض فعند انقضاء ثلاث سنين من نزوله من السماء في كل زمان فرد ومن هنا ينطق أكثر أهل الكشف بالغيوب التي تظهر عنهم فإنهم يرونها قبل نزولها ويخبرون بما يكون منها في السنين المستقبلة وما تعطيهم أرواح الكواكب وحركات الأفلاك النازلة في خدمة الأمر الإلهي فإذا عرف المنجم كيف يأخذ من هذه الحركات ما فيها من الآثار أصاب الحكم وكذلك الكاهن والعرافون إذا صدقوا وعرفوا ما يكون قبل كونه أي قبل ظهور أثر عينه في الأرض وإلا فمن أين يكون في قوة الإنسان أن يعلم ما يحدث من حركات الأفلاك في مجاريها ولكن التناسب الروحاني الذي بيننا وبين أرواح الأفلاك العالمين بما تجري به في الخلق ينزل بصورتها التي اكتسبته من تلك الحركات والأنوار الكوكبية على أوزانها فإن لها مقادير ما تخطئ وهمة هذا المنجم التعالي وهمة هذا الكاهن قد انصبغت روحانيته بما توجهت إليه همته فوقعت المناسبة بينه وبين مطلوبه فأفاضت عليه روحانية المطلوب بما فيها في وقت نظره فحكم بالكوائن الطارئة في المستقبل وأما العارفون فإنهم عرفوا إن لله وجها خاصا في كل موجود فهم لا ينظرون أبدا إلى كل شئ من حيث أسبابه وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق فينظر بعين حق فلا يخطئ أبدا فإذا نزل الأمر الإلهي على قلب هذا العارف وقد لبس من الصور بحسب ما مر عليه من المنازل كما قررناه فأول صورة كان ظهر بها للعقل الأول صورة إلهية أسمائية وهي خلف هذه الصور كلها وهذا العارف همه أبدا مصروف إلى الوجه الخاص الإلهي الذي في كل موجود بعين الوجه الخاص الإلهي الذي لهذا العارف المحقق فينظر في ذلك الأمر من حيث
(٣٠)