سمته كافرا يا كافر أعطني كذا وكذا وما يريد أن يقول له فلا يغضب لذلك الاسم لأنه يعلم أنه مكتوب في جبينه كتابة لا يمكنه إزالتها فيقول الكافر للمؤمن نعم أو لا في قضاء ما طلب منه بحسب ما يقع فكلامها المنسوب إليها ما هو في العموم سوى ما وسمت به الوجوه بنفختها وإن كان لها كلام مع من يشاهدها أو يجالسها من أي أهل لسان كان فهي تكلمه بلسانه من عرب أو عجم على اختلاف اصطلاحاتهم يعلم ذلك كله وقد ورد حديثها في الخبر الصحيح الذي ذكره مسلم في حديث الدجال حين دلت تميما الداري عليه وقالت له إنه إلى حديثك بالأشواق وهي الآن في جزيرة في البحر الذي يلي جهة الشمال وهي الجزيرة التي فيها الدجال واعلم أنه ما من صورة في العالم الأسفل إلا ومثلها في العالم العلوي فصور العالم العلوي تحفظ على أمثالها في العالم السفلي الوجود ويؤثر فيها ما تجده من العلم بالأمور التي لا تقدر على إنكارها من نفسها لتحققها بما تجده فهذا أثر الصور العلويات الفلكيات في الصور السفليات العنصريات وتؤثر الصور العنصريات السفليات في الصور العلويات الفلكيات الحسن والقبح والتحرك بالوهب لما تحتاج إليه بما هي عليه من الاستعدادات فلا تقدر الصور العلويات أن تحفظ نفسها عن هذا التأثير لأن لهذا خلقت وبين العالمين رقائق ممتدة من كل صورة إلى مثلها متصلة غير منقطعة على تلك الرقائق يكون العروج والنزول فهي معارج ومدارج وقد يعبر عنها بالمناسبات وبين تلك الصور العلويات الفلكيات وبين الطبيعة رقائق ممتدة عليها ينزل من الطبيعة إلى هذه الصور ما به قوام وجودها فإذا انصبغت بذلك أفاضت على الصور السفليات العنصريات ما به قوام وجودها ولكن من حيث ما هي أجسام وأجساد لا غير ليحفظ عليها صورها وبين هذه الصور العلويات الفلكيات وبين النفس الكلية التي عبر عنها الشارع ص عن الله باللوح المحفوظ لما حفظ الله عليه ما كتب فيه فلم ينله محو بعد ذلك ولا تبديل فكل شئ فيه وهو المسمى في القرآن بكل شئ تسمية إلهية ومنه كتب الله كتبه وصحفه المنزلة على رسله وأنبيائه مثل قوله تعالى وكتبنا له في الألواح من كل شئ وهو اللوح المحفوظ موعظة وتفصيلا لكل شئ وهو اللوح المحفوظ ففصلت الكتب المنزلة مجمله وأبانت عن موعظته فبين هذه الصور وبين هذه النفس رقائق ممتدة من حيث أرواحها المدبرة لصور أجسادها تنزل عليها العلوم والمعارف بما شاء الله إما من العلم به أو العلم بما شاء من المعلومات الموجودات والمعقولات فإذا حصلت أرواح هذه الصور العلويات الفلكيات ما شاء الله من العلوم التي هي لها بمنزلة الغذاء لصورها الجسمية فبه قوام وجودها ونعيمها ولذتها فإذا انصبغت بتلك الأنوار وتحققت بها أفاضت على نفوس الصور السفليات العنصريات من تلك العلوم بحسب ما قبله استعدادها فيتفاضلون في العلم لتفاضل الاستعداد ثم يعلم بعضهم بعضا وليس التعليم إلا رفع الحجب التي حجبها استعدادهم عن قبول ذلك الفيض فكنى عن ذلك الرفع بالتعليم فلم يكن التعليم إلا من ذلك الفيض من تلك الصور العلويات الفلكيات كما يرفع المانع الذي يمنع الماء عن جريته فإذا رفعته جرى الماء في ذلك الموضع الذي كان المانع يمنع من جريته عليه ففاتح هذا السد لم يجر الماء كذلك المعلم من هذه الصور السفليات لغيرها من أمثالها إنما رفع عنها حجاب الجهل والشك فانكشف لذلك الفيض الروحاني فقبلت من العلوم ما لم يكن عندها فتخيلت إن المعلم لها من رفع غطاء جهلها وليس الأمر كذلك فافهم وبين هذه الصور العلويات الفلكيات وبين الصور السفليات العنصريات رقائق ممتدة للأسماء الإلهية والحقائق الربانية وهي الوجوه الخاصة التي لكل ممكن الذي صدر منه عن كلمة كن بالتوجه الإرادي الإلهي الذي لا يعلمه المسبب عنه من غيره وإن كان له وجه خاص من نفسه يعلم ذلك أو يجهله ومن ذلك الوجه يفتقر كل شئ إلى الله لا إلى سببه الكوني وهو السبب الإلهي الأقرب من السبب الكوني فإن السبب الكوني منفصل عنه وهذا السبب لا يتصف بالانفصال عنه ولا بالاتصال المجاور وإن كان أقرب في حق الإنسان من حبل الوريد فقربه أقرب من ذلك فيعطي الله تعالى لكل صورة علوية وسفلية من العلوم الاختصاصية التي لا يعلم بها إلا ذلك المعطى له خاصة ما شاء الله وهذه هي علوم الأذواق التي لا تنقال ولا تنحكى ولا يعرفها إلا من ذاقها وليس في الإمكان أن يبلغها من ذاقها إلى من لم يذقها وبينهم في ذلك تفاضل لا يعرف ولا يمكن أن يعرف عين ما فضله به فلما كان في العلم هذا الاختصاص كان ثم جنات اختصاص واعلم
(٢٦٠)