فقد نصحتك وأبلغت لك في النصيحة فلا تطلب مشاهدة الحق إلا في مرآة نبيك ص واحذر أن تشهده في مرآتك أو تشهد النبي وما تجلى في مرآته من الحق في مرآتك فإنه ينزل بك ذلك عن الدرجة العالية فالزم الاقتداء والاتباع ولا تطأ مكانا لا ترى فيه قدم نبيك فضع قدمك على قدمه إن أردت أن تكون من أهل الدرجات العلى والشهود الكامل في المكانة الزلفى وقد أبلغت لك في النصيحة كما أمرت والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وفي هذا المنزل من العلوم علم مرتبة الحسبان والظنون وعلم التقرير الإلهي وفيه علم الأسرار الخفية عن أكثر الناس وفيه علم الأفراد وفيه علم الملاحم وفيه علم المسابقة وأين حلبة المسابقة التي بين الله وبين عباده وهو علم شريف فيه من الرحمة الإلهية ما لا يصفه واصف وفيه علم الرد على من يقول بإنفاذ الوعيد وشمول الرحمة للجميع وذلك أن الإنسان إذا عصى فقد تعرض للانتقام والبلاء وأنه جار في شأو الانتقام بما وقع منه وإن الله يسابقه في هذه الحلبة من حيث ما هو غفار وعفو ومتجاوز ورحيم ورؤف فالعبد يسابق بالمعاصي والسيئات الحق تعالى إلى الانتقام والحق أسبق فيسبق إلى الانتقام قبل وصول العبد بالسيئات إليه فيجوزه بالغفار وأخواته من الأسماء فإذا وصل العبد إلى آخر الشأو في هذه الحلبة وجد الانتقام قد جازه الغفار وحال بينه وبين العصاة وهم كانوا يحكمون على أنهم يصلون إليه قبل هذا وهو قوله تعالى في العنكبوت أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا أي يسبقون بسيئاتهم مغفرتي وشمول رحمتي ساء ما يحكمون بل السبق لله بالرحمة لهم هذا غاية الكرم وهذا لا يكون إلا في الطائفة التي تقول بإنفاذ الوعيد فيمن يموت على غير توبة فإذا مات العاصي تلقته رحمة الله في الموطن الذي يشاء الله أن تلقاه فيه وفيه علم قول النبي ص من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ولم يقل لم يلقه فما كره الله إلا لقاءه الذي كره وهو أن يلقاه آخذا له على جريمته ومنتقما فكره الله أن يلقاه بما كره هذا المسئ فلقيه تعالى بالمغفرة والرضوان لأنه علم أنه ما كره لقاء الله مع كونه مؤمنا بلقائه إلا لما هو عليه من المخالفة فكره الله لقاءه بما تستحقه المخالفة من العقوبة فلقيه بالعفو والمغفرة وفيه علم ما تستحقه الذات لنفسها لا من حيث اتصافها بأنها إله وفيه علم إن رد الأمور كلها وإن كانت لله فإن الله بعد وقوفه عليها يردها بما شاء على عباده وفيه علم إرسال الستور بين النفوس المؤمنة وبين المخالفات ومن خالف منهم أرسلت الستور بينه وبين العقوبات وفيه علم معاملة الله عباده بما يوافق أغراضهم وفيه علم منزلة الأسباب الموضوعة في العالم التي لها الآثار فيه وفيه علم ما تدعوه إليه الأسباب وما ينبغي أن يجيب منها وما ينبغي أن لا يجيب وفيه علم إلحاق الأباعد بالأداني والأسافل بالأعالي في التحام ذلك وفيه علم جهل من يساوي بين الحق والخلق ومن جهل مراتب العالم عند الله وفيه علم التفسير والتمييز وفيه علم ما يعود على العامل من عمله وما لا يعود وفيه علم أعمار الأشياء وهو بقاء الشئ إلى زمان فساد صورته التي بزوالها يزول عنه الاسم الذي كان يستحقه جمادا كان أو نباتا أو حيوانا وفيه علم الأخذ الإلهي بالأسباب الكونية وأن كل مأخوذ به جند من جنود الله وفيه علم كون العالم آيات بعضه لبعض وفيه علم النصائح من المؤمنين وغير المؤمنين وفيه علم بيان العلم بالأدلة وفيه علم ما تمس الحاجة إليه في كل وقت وفيه علم الاعتبار وفيه علم الإرادة والمشيئة وفيه علم من ينبغي أن يعتمد عليه في الأمور ومن لا يعتمد عليه فيها وفيه علم من أراد بأخيه المؤمن سوء عاد عليه وهو سار في كل جنس من الأمم وفيه علم من استعجل صفة ما يكون في يوم القيامة هنا وما حكمه عند الله وفيه علم الهجرة والمهاجر وفيه علم الوهب من غير الوهب وفيه علم ما أدى الجاهل مع علمه إن يقول إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وأمثال هذا مثل قوله ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين فانظر في هذا الخبر الإلهي فإنه مبالغة منهم في التكذيب إذ لو احتمل عندهم صدق الرسول ما قالوا مثل هذا القول فإن النفوس قد جبلت على جلب المنافع لها ودفع المضار عنها وفيه علم الرفق بالأمم والدعاء عليهم من أنبيائهم وفيه علم العلم بالدار الآخرة والزمان الآخر ولما ذا يرجع وما ثم شمس تطلع ولا ليل يقبل وفيه علم تنوع الأسباب وفيه علم مراتب من اتخذ من الآلهة دون الله وفيه علم فصل العلماء والحكماء الإلهيين وفيه علم ما ينبغي للمؤمن أن يثابر عليه وفيه علم الصنعة والصانع وفيه علم التنازع في الحديث ومراتب المتنازعين وفيه علم المجمل من المحكم
(٢٥٢)