أوجده الله مثلا إلا أمس أو الآن فقد تأخر وجوده مع كون الحق قادرا فكذلك يلزم الحكم في أول موجود من العالم أن يكون الله يتصف بالقدرة على إيجاد الشئ وإن لم يوجده كما إنك قادر على الحركة في وقت سكونك وإن لم تتحرك ولا يلزم من هذا محال فإنه لا فرق بين الممكن الموجود الآن المتأخر عن غيره وبين الممكن الأول فإن الحق غير موصوف بإيجاد زيد في وقت عدم زيد فالصورة واحدة إن فهمت غير إن إطلاق لفظ الاستحالة لا يطلق على الله وإن كان قد أطلق على نفسه التحول فنقف عنده مع معقولية ما ذكرناه فما ثم إلا الله والتوجه وقبول الممكنات لما أراد الله بذلك التوجه فهذه ثلاثة لا بد منها ومن ظهور حكمها فالغروب لا يكون إلا عن طلوع من طالع ثم غرب والظهور لا يكون إلا من بطون لا عن بطون وأعني بقولي لا عن بطون أنه لم يكن ظاهرا ثم بطن ثم ظهر عن ذلك البطون بل لم يزل باطنا ثم أظهره الله فظهر لنفسه (وصل) لما كان الوصف النفسي للموصوف لا يتمكن رفعه إلا ويرتفع معه الموصوف لأنه عين الموصوف ليس غيره وكان تقدم العدم للممكنات نعتا نفسيا لأن الممكن يستحيل عليه الوجود أزلا فلم يبق إلا أن يكون أزلي العدم فتقدم العدم له نعت نفسي والممكنات متميزة الحقائق والصور في ذاتها لأن الحقائق تعطي ذلك فلما أراد الله أن يلبسها حالة الوجود وما ثم إلا الله وهو عين الوجود وهو الموجود ظهر تعالى للممكنات باستعدادات الممكنات وحقائقها فرأت نفسها بنفسها في وجود موجدها وهي على حالها من العدم فإن لها الإدراكات في حال عدمها كما أنها مدركة للمدرك لها في حال عدمها ولذا جاء في الشرع أن الله يأمر الممكن بالتكوين فيتكون فلو لا إن له حقيقة السمع وأنه مدرك أمر الحق إذا توجه عليه لم يتكون ولا وصفه الله بالتكون ولا وصف نفسه بالقول لذلك الشئ المنعوت بالعدم فكذلك للممكن جميع القوي التي يدرك بها المدركات التي تخص هذه الإدراكات فلما أمرها بالتكوين لم تجد وجود انتصف به إذ لم يكن ثم إلا وجود الحق فظهرت صورا في وجود الحق فلذلك تداخلت الصفات الإلهية والكونية فوصف الخلق بصفات الحق ووصف الحق بصفات الخلق فمن قال ما رأيت إلا الله صدق ومن قال ما رأيت إلا العالم صدق ومن قال ما رأيت شيئا صدق لسرعة الاستحالة وعدم الثبات فيقول ما رأيت شيئا ومن قال ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله فهو ما قلنا إن للممكن إدراكا في حال عدمه فإذا جاءه الأمر الإلهي بالتكوين لم يجد إلا وجود الحق فظهر فيه لنفسه فرأى الحق قبل رؤية نفسه فلما لبسه وجود الحق رأى نفسه عند ذلك فقال ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله أي قبل أن يتكون فيه فيقبل الحق صورة ذلك الشئ فمن لم يعلم الأمر هكذا وإلا فما علم الحق ولا الخلق ولا هذه النسب فكل شئ هالك بالصورة للاستحالات إلا وجهه والضمير في وجهه يعود على الشئ فالشئ هالك من حيث صورته غير هالك من حيث وجهه وحقيقته وليس إلا وجود الحق الذي ظهر به لنفسه له الحكم أي لذلك الشئ الحكم في الوجه فتختلف عليه الأحكام باختلاف الصور وإليه ترجعون في ذلك الحكم أي إلى ذلك الشئ الحكم في الوجه فتختلف عليه الأحكام باختلاف الصور وإليه ترجعون في ذلك الحكم أي إلى ذلك الشئ يرجع الحكم الذي حكم به على الوجه فالحكم والتحكيم للإحالة لأنها المقصود لا محالة فما ثم إلا هلاك وإيجاد في عين واحدة لا تبديل إلا لله لا تبديل لخلق الله لا تبديل لكلمات الله بل التبديل له كما له الأمر من قبل ومن بعد يقضي بذلك كونه أخبر عن نفسه أنه الأول والآخر من عين واحدة فليس إلا صور ظاهر هنا وفي البرزخ والآخرة وهو الذي جاء به قوله إنا لمردودون في الحافرة توهموا ذاك وما حققوا لذلك قالوا كرة خاسرة فلو رأوها لرأوا أنها ليست سوى أعيانها الظاهرة فما أحالوها ولا عرجوا عنها لكونهم ما نظرت أعينهم إلا إليها فكيف ينكرون ما رأوه أو يجحدون عن نفوسهم ما تيقنوه ومن لم يكن له هذا الإدراك فقد حرم العلم والمعرفة التي أعطاها الشهود والكشف وفي هذا المنزل من العلوم علم المعجزات وعلم الطمس وعلم التتالي وتتابع الموجودات في الخلق وفيه علم اليقين وفيه علم ما يحصل بالخبر وفيه علم ما يحمد ويذم وفيه علم الغضب ولا يقع إلا ممن لم يعط الأمور حقها في حدودها وفيه علم الرحمة بالضعفاء والخلق كلهم ضعفاء بالأصالة فالرحمة تشملهم وفيه علم ورث الكون للأسماء الإلهية وفيه علم التمكين وفيه علم الإشهاد وفيه علم البيان لتمييز ما يحذر وما لا يحذر وفيه علم إلحاق الإناث بالذكور وهو إلحاق المنفعل بالفاعل من حيث ما ينفعل عنه منفعل آخر حتى ينتهي الأمر إلى منفعل آخر لا ينفعل عنه منفعل كما ينتهي الأمر من
(٢٥٥)