آثار أحوال كنزول الحق إلى السماء الدنيا وأعمال وأقوال كإجابة الحق من دعاه وخلق الملائكة من أعمال بني آدم الظاهرة والباطنة وغرس الجنة من أعمال أهلها من بني آدم ويوم شرع محمد إن كمل ليله ونهاره فهو من أيام الرب وإن لم يكمل وانقطع في أية ساعة انقطع فيها فذلك مقداره وهو من الاسم الخاذل والناصر لأن الخاذل والناصر ليس ليومهما مقدار معلوم عندنا بل ميزانه عند الله لا يعلمه إلا هو وحكمهما في كل إنسان بقدر عمر ذلك الإنسان وقدرهما في هذه الأمة بقدر بقائها في الدار الدنيا وذلك بحسب نظرها إلى نبيها محمد ص فإن نظرت إليه كمل لها يوم الرب وإن أعرضت فلها ما انقضى من مدة يوم الرب ويرجع الحكم لاسم آخر له عند الله يوم موقت لا يعلمه إلا هو ويوم هذه الأمة متصل بيوم الآخرة ليس بينهما إلا ليل البرزخ خاصة وفي فجر هذه الليلة تكون نفخة البعث وفي طلوع شمس يومه يكون إتيان الحق للفصل والقضاء وفي قدر ركعتي الإشراق ينقضي الحكم فتعمر الداران بأهلهما وذلك يوم السبت فيكون نهاره أبديا لأهل الجنان ويكون ليله أبديا لأهل جهنم فإذا انقضت مدة الآلام في جهنم وهو يوم من خمسين ألف سنة في حق قوم وأقل من ذلك في حق قوم وشفعت التسعة عشر ملكا في أهل جهنم للرحمة التي سبقت ارتفعت الآلام فراحتهم ارتفاع الآلام لا وجود النعيم فافهم وهذا القدر هو نعيم أهل جهنم إن علمت وفي هذا المنزل من العلوم علم رحمة السيادة وأين ينادى بها وبما ذا يستحقها وما حكمة كونه نداء ترخيم والترخيم التسهيل ولهذا يوصف به الحسان فيقال في المرأة الحسناء رخيمة الدلال أي سهلة وفيه علم جميع الحكم لا جميع كل شئ فإن الحكم ليس لها عين إلا في الترتيب خاصة معنى وحسا وفيه علم الرسالة على اختلاف أنواعها لاختلاف الرسل فإن الأنبياء رسل والملائكة رسل والبشر رسل وتختلف الرسالة باختلاف الأحوال وكل ذلك شرائع موصلة إلى الله وإلى السعادة الدائمة لا اعوجاج فيها ولا ينبغي لأنها نزلت من عرش الرحمة مرتدية بالعزة فلا يؤثر فيها شئ يخرج أممها عن حكمها فما من أمة إلا والرحمة تلحقها كما لحقتها الشريعة التي خوطبت بها وفيه علم حكمة وضع الشرائع في العالم ولما ذا وضعت في الدار الدنيا ولم توضع في الآخرة لماذا وتوقيت ما وضع منها في الدار الآخرة أولا كالتحجير على آدم في قرب الشجرة وآخرا كدعاء الحق عباده إلى السجود يوم القيامة وبهذا الحكم الشرعي يوم القيامة يرجح ميزان أهل الأعراف فيثقل ميزانهم بهذه السجدة فينصرفون إلى الجنة بعد ما كان منزلهم في سور الأعراف ليس لهم ما يدخلهم النار ولا ما يدخلهم الجنة وفيه قوة المؤمن فيعدل من قوى الكفار قوى كثيرين ولهذا شرع لهم أن لا يفروا في قتال عدوهم وشرع لبعضهم قوة واحد لعشرة ثم خفف عنهم مع إبقاء القوة عليهم فشرع لهم لكل قوة مؤمن قوة رجلين من الكفار ولهذا قال رسول الله ص إنه يوعك كما يوعك رجلان من أمته فأعطى قوة رجلين من أمته وفيه علم رحمة وجود الغفلة والنسيان في العالم بل في هذه الأمة لما نص فيها وكذلك الخطاء وفيه علم الفرق بين القول وقول الله والقول المضاف إلى الخلق والكلمة وهل لكل قول وكلمة حق واجب في الإمضاء أو ليس ذلك إلا لخصوص قول فإن كان لخصوص قول دون كلمة فما السبب الموجب لهذا التخصيص والكل قول من حيث ما هو قول وكلمة من حيث ما هي كلمة وإذا كان في نفس الأمر الحكم للقول وهو السابق فلما ذا وقع الأخذ بالسؤال والتقرير مع العلم بأنه مجبور في اختياره وهي مسألة صعبة التصور كثيرة التفلت ولولا وجود الآلام لهانت وما خطرت على بال وفيه علم تقييد المعاني ووجود آثار أحكامها فيمن قامت به وإلى أين ينتهي حد التقييد منها في نشأة الإنسان وفيه علم السبب الذي لأجله ترفع الوجوه والأبصار إلى الفوق يوم القيامة وفي الدنيا هل حكمهما وسببهما واحد أو مختلف وهل الرفع عن جذب من خلف أم عن اختيار وفيه علم كون الإنسان بين قضاء الله وقدره فلا يقدر يتعداهما وهل عم القضاء والقدر جهات الإنسان كلها أو ليس لهما منه إلا جهتان جهة الحادي والهادي وهما السائق والشهيد وما الذي أعمى الناس اليوم عن شهود هذين وفي الآخرة يرونهما ولم اختصا بالخلف والأمام دون سائر الجهات والشيطان له مسالك الأربع جهات فهل مكان الخلف والأمام لهما الاستشراف على اليمين والشمال بحكم اليدين اللذين لهما ولو كان لهما اليمين والشمال لتعطلت اليد الواحدة من كل واحد منهما في حق من التزماه فلا بد أن يكون لهما الخلف والأمام وفيه علم نسبة العدم والوجود إلى الممكن وهو لا يعقل إلا
(٢٠٤)