صاحبها من الحقوق التي يطالب بها يوم القيامة حتى يتمنى أنه لم يل أمرا من أمور العالم وقد جعلنا رعاة فقال كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فلكل شخص حكم من الصورة الإلهية فمن جمعت له الصورة بكمالها لم يسأل فإن الله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ومن لا ينطق عن الهوى لا يسأل عما يقول سؤال مناقشة وحساب ولكن قد يسأل سؤال استفهام لإظهار علم يستفيده السامعون كسؤال الحق رسله وهم لا ينطقون عن الهوى يوم يجمعهم فيقول ما ذا أجبتم فيقولون لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب فيعلم أهل الموقف أصحاب الكشف أن الرسل هم أتم العالم كشفا ومع هذا فما أطلعهم الله على إجابة القلوب من أممهم ولا إجابة من وصلت إليهم دعوتهم ولم يكونوا حاضرين ولا من كان حاضرا وأجابه بلسانه هل أجابه بقلبه كما أجابه بلسانه فإن قلت فقد سمع إجابة من أجابه بلسانه وما أجابه به قلنا لقرائن الأحوال حكم لا يعرفه إلا من شاهدها وقد عرفنا من عين جواب الرسل ع أنهم فهموا عن الله عند هذا السؤال أنه أراد إجابة القلوب فإنهم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب فلو فهموا من سؤاله تعالى إجابة الألسنة لفصلوا بين من سمعوا إجابته بإقراره بلسانه وبين من لم يسمعوا ذلك منه فلما ذكروا في الجواب الغيوب علمنا إن السؤال كان عن جواب القلوب واستفدنا من هذا أن الذي يكشف له ما يلزم أن يعم كشفه كل شئ لكن عنده استعداد الكشف لا غير فما جلى له الحق من أسرار العالم في مرآة قلبه إن كان معنى أو في مرآة بصره إن كان صورة كشفه ورآه لا غير فإن قلت فمن كان الحق بصره قد سمعتك تقول فيمن هذا حاله إنه يدرك كل مبصر في الكون ولا يغيب عن بصره شئ لأنه ناظر بحق قلنا صدقت ولكن فرق ما بين المقام والحال والأحوال لا بقاء لها وهذا حال فعند حصوله صح له هذا الكشف في ذلك الزمان ولما رفع عنه رجع ينظر بعين خلق بإمداد حق لا بحق فيكون حكمه حكم خواص الخلق له الكشف الجزئي لا الكلي إذ لا يكشف إلا المعتاد الذي للعموم فإذا كشف كل مبصر في العالم كشفه على ما هو عليه في وقته فلما رفع عنه لم يعرف ما آل إليه أمر تلك المبصرات في زمان رفع هذا الكشف هل بقوا على ما كانوا عليه أو هل انتقلوا عن ذلك وطلب الله منهم العلم بذلك لقولهم لا علم لنا والجواب بالظنون لا يليق ثم تمموا فقالوا إنك أنت علام الغيوب فقيدوه بالغيوب فإنه في يوم تبلي فيه السرائر والسرائر غيوب العالم بعضهم عن بعض فعلمنا الحق بهذه الآية التأدب مع أصحاب الكشف وأن نعلم مراتب الكشف لئلا ننزل صاحب الكشف فوق منزلته ونطلب منه ما لا يستحقه حاله فنتعبه ولا نعذره ونصفه بالجهل في ذلك ولا علم لنا بأنا جهلنا فتكون جهالتان وكما إن للملائكة مقامات معلومة كذلك للبشر مقامات معلومة منها يكون المزيد لهم لا يتعدونها وإن زادوا علما فمن ذلك المقام وهو المقام الذي يكون فيه عند آخر نفس يكون منه ويفارق الروح تركيب هيكله المسمى موتا فمن ذلك المقام يكون له المزيد ولهذا يقع التفاضل بين الناس في الدار الآخرة ويزيد الله الذين أوتوا العلم وهم مؤمنون على المؤمنين الذين لم يؤتوا العلم درجات وبالمقامات فضل الله كل صنف بعضه على بعض وفي هذا المنزل من العلوم علم العرش هل العرش الذي استوى عليه الاسم الرحمن هو العرش الذي يأتي عليه الله الحكم العدل يوم القيامة للفصل والقضاء الذي تحمله الثمانية أو هو عرش آخر وهل إن كان عرشا آخر غير الذي استوى عليه فما معنى قول الرسول ص لما نزلت هذه الآية ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة قال وهم اليوم أربعة وما هؤلاء الثمانية المنكرة هل كلهم أملاك أو ليسوا بأملاك أو بعضهم أملاك وبعضهم غير أملاك وهل العرش سريرا وهو ملك معين من الملك ما هو الملك كله لأنه فيه أتى للفصل والقضاء بين عباده وعباده من الملك فلا بد أن يكون ملكا معينا وهل هذا العرش الذي يأتي عليه يوم القيامة هو ظلل الغمام التي يأتي فيها الله يوم القيامة أم لا والملائكة هي التي تأتي في ظلل من الغمام ويكون إتيان الله مطلقا من هذا التقييد وفيه علم نهاية سطح العرش هل له فوقية أم لا وما معنى له حول وما معنى الاستواء عليه إذا لم يتصف بأن له فوقا فإنه نهاية الجسم فلا خلاء ولا ملأ بعده وهذا كله إذا كان العرش سريرا أو ملكا خاصا من العالم فإن كان العرش عبارة عن العالم كله لا عالم الأجسام كان له حكم آخر ليس هذا حكمه هذا كله يتضمنه هذا المنزل ويحتاج إلى العلم به ليعلم الأمر على ما هو عليه وفيه علم اختلاف الاستواء باختلاف الأدوات الداخلة وبعدم الأدوات وفيه علم اختلاف الجماعات ولم لم يكن الكل جماعة
(١٨٤)