بهذه المحامد كلها وكلها تتضمن طلب الشفاعة من الله وهذا المنزل مما يعطي من ينزله مشاهدة كل لواء من تلك الألوية وعلما بما فيه من الأسماء ليثني هذا الوارث على الله بها هنالك ولكل لواء منها منزل هنا ناله ص وتناله الورثة الكمل من أتباعه وهذا المنزل منزل شامخ صعب المرتقى ولهذا سمي عقبة وأضيفت إلى السويق لعدم ثبوت الاقدام فيها لأنها مزلة الاقدام فلا يقطعها إلا رجل كامل من رسول ونبي ووارث كامل يحجب كل وارث في زمانه وهذا هو المنزل الذي سماه النفري في موافقة موقف السواء لظهور العبد فيه بصورة الحق فإن لم يمن الله على هذا العبد بالعصمة والحفظ ويثبت قدمه في هذه العقبة بأن يبقى عليه في هذا الظهور شهود عبوديته لا تزال نصب عينيه وإن لم تكن حالته هذه وإلا زلت به القدم وحيل بينه وبين شهود عبوديته بما رأى نفسه عليه من صورة الحق ورأى الحق في صورة عبوديته وانعكس عليه الأمر وهو مشهد صعب فإن الله نزل من مقام غناه عن العالمين إلى طلب القرض من عباده ومن هنا قال من قال إن الله فقير وهو الغني ونحن أغنياء وهم الفقراء فانعكست عندهم القضية وهذا من المكر الإلهي الذي لا يشعر به فمن أراد الطريق إلى العصمة من المكر الإلهي فليلزم عبوديته في كل حال ولوازمها فتلك علامة على عصمته من مكر الله ويبقى كونه لا يأمنه في المستقبل بمعنى أنه ما هو على أمن إن تبقي له هذه الحالة في المستقبل إلا بالتعريف الإلهي الذي لا يدخله تأويل ولا يحكم عليه إجمال وفي هذا المنزل يشاهد قوله ولكن الله رمى ومحمد ص هو الرامي في الحس الذي وقع عليه البصر ويقوم له في هذا المنزل والله خلقكم وما تعملون واعلم أن السواء بين طريقين لأن الأمر محصور بين رب وبين عبد فللرب طريق وللعبد طريق فالعبد طريق الرب فإليه غايته والرب طريق العبد فإليه غايته فالطريق الواحدة العامة في الخلق كلهم هي ظهور الحق بأحكام صفات الخلق فهي في العموم إنها أحكام صفات الخلق وهي عندنا صفات الحق لا الخلق وهذا معنى السواء والطريق الأخرى ظهور الخلق بصفات الحق التي تتميز في العموم أنها صفات الحق كالأسماء الحسنى وأمثالها وهذا مبلغ علم العامة وعندنا وعند الخصوص كلها صفات الحق بالأصالة ما أضيف إلى الخلق منها مما تجعله العامة نزولا من الله إلينا بها وهي عندنا صفات الحق وإن العبد علت منزلته عند الله حتى تحلى بها فهي عند العامة أسماء نقص وعندنا أسماء كمال فإنه ما ثم مسمى بالأصالة إلا الله ولما أظهر الخلق أعطاهم من أسمائه ما شاء وحققهم بها والخلق في مقام النقص لإمكانه وافتقاره إلى المرجح فما يتخيل أنه أصل فيه وحق له اتبعوه في الحكم نفسه فحكموا على هذه الأسماء الخلقية بالنقص وإذا بلغهم أن الحق تسمى بها ويصف نفسه بها يجعلون ذلك نزولا من الحق تعالى إليهم بصفاتهم وما يعلمون أنها أسماء حق بالأصالة فعلى مذهبنا في ظهور الخلق بصفات الحق تعم الخلق أجمعه فكل اسم لهم هو حق للحق مستعار للخلق وعلى مذهب الجماعة لا يكون ذلك إلا لأهل الخصوص أعني الأسماء الحسنى منها خاصة وعندنا لا يكون العلم بذلك إلا للخصوص من أهل الله وفرق عظيم بين قولنا لا يكون ذلك وبين قولنا لا يكون العلم بذلك فإن الحق هو المشهود بكل عين في نفس الأمر ولا يعلم ذلك إلا آحاد من أهل الله وهو مثل قول الصديق ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله فعرفته فإذا ظهر ذلك الشئ لعينه المقيد وقد رأى الله قبله ميزه في ذلك الشئ وعلم إن ذلك الشئ ملبس من ملابس الحق ظهر فيه للزينة فتلك زينة الله التي تزين بها لعباده هذا مقام الصديق فلا يتميز أهل الله من غيرهم إلا بالعلم بذلك لأن الأمر في نفسه على ذلك وعند العامة لا يكون ذلك إلا لأهل العناية المتحققين بالحق وغيرهم هو عندهم خلق بلا حق ثم نرجع فنقول إن الله جعل لهذا المنزل بابا يسمى باب الرحمة منه يكون الدخول إليه فيعصمه مما فيه من الآفات المهلكة التي أشرنا إليها آنفا من حكم السواء فإنه لهذا المنزل أعني هذا الباب كالنية في العمل فما تخلل العمل من غفلة وسهو لم يؤثر في صحة العمل فإن النية تجبر ذلك لأنها أصل في إنشاء ذلك العمل فهي تحفظه وكذلك البسملة جعلها الله في أول كل سورة من القرآن فهي للسورة كالنية للعمل فكل وعيد وكل صفة توجب الشقاء مذكورة في تلك السورة فإن البسملة بما فيها من الرحمن في العموم والرحيم في الخصوص تحكم على ما في تلك السورة من الأمور التي تعطي من قامت به الشقاء فيرحم الله ذلك العبد إما بالرحمة الخاصة وهي الواجبة أو بالرحمة العامة وهي رحمة الامتنان
(١٤٧)