أقسمت بالله الذي أقسما * بنفسه وإي وربي وما بأنه وتر بلا موتر * في أرضه وخلقه أينما وإنه ينزل من عرشه * نزوله لعرشه من عما من غير تكييف ولا فرقة * فإنه منزه عنهما اعلم أيدك الله أن المبايعة العامة لا تكون إلا لواحد الزمان خاصة وإن واحد الزمان هو الذي يظهر بالصورة الإلهية في الأكوان هذا علامته في نفسه ليعلم أنه هو ثم له الخيار في إمضاء ذلك الحكم أو عدم إمضائه والظهور به عند الغير فذلك له فمنهم الظاهر ومنهم من لا يظهر ويبقي عبدا إلا إن أمره الحق بالظهور فيظهر على قدر ما وقع به الأمر الإلهي لا يزيد على ذلك شيئا هذا هو المقام العالي الذي يعتمد عليه في هذا الطريق لأن العبد ما خلق بالأصالة إلا ليكون لله فيكون عبدا دائما ما خلق أن يكون ربا فإذا خلع الله عليه خلعة السيادة وأمره بالبروز فيها برز عبدا في نفسه سيدا عند الناظر إليه فتلك زينة ربه وخلعته عليه قيل لأبي يزيد البسطامي رحمه الله في تمسح الناس به وتبركهم فقال رضي الله عنه ليس بي يتمسحون وإنما يتمسحون بحلية حلانيها ربي أفأمنعهم ذلك وذلك لغيري وقيل لأبي مدين في تمسح الناس به بنية البركة وتركهم يفعلون ذلك أما تجد في نفسك من ذلك أثرا فقال هل يجد الحجر الأسود في نفسه أثرا يخرجه عن حجريته إذا قبلته الرسل والأنبياء والأولياء وكونه يمين الله قيل لا قال أنا ذلك الحجر قال تعالى في هذا المقام إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله فنفاه بعد ما أثبته صورة كما فعل به في الرمي سواء أثبته ونفاه وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ثم جعل الله يده في المبايعة فوق أيدي المبايعين فمن أدب المبايعة إذا أخذ المبايعون يد المبايع للبيعة ليقبلوها جعلوا أيديهم تحتها وجعلوها فوق أيديهم كما يأخذ الرحمن الصدقة بيمينه من يد المتصدق فمن الأدب من المتصدق أن يضع الصدقة في كف نفسه وينزل بها حتى تعلو يد السائل إذا أخذها على يد المعطي حتى تكون هي اليد العلياء وهي خير من اليد السفلي واليد العلياء هي المنفقة فيأخذها الرحمن لينفقها له تجارة حتى تعظم فيجدها يوم القيامة قد نمت وزادت هذا مذهب الجماعة وأما مذهبنا الذي أعطاه الكشف إيانا فليس كذلك إنما السائل إذا بسط يده لقبول الصدقة من المتصدق جعل الحق يده على يد السائل فإذا أعطى المتصدق الصدقة وقعت بيد الرحمن قبل إن تقع بيد السائل كرامة بالمتصدق ويخلق مثلها في يد السائل لينتفع بها السائل ويأخذ الحق عين تلك الصدقة فيربيها فتربوا حتى تصير مثل جبل أحد في العظم وهذا من باب الغيرة الإلهية حيث كان العطاء من أجله لما يرى أن الإنسان يعطي من أجل هواه ما يعظم شأنه من الهبات ويعطي من أجل الله أحقر ما عنده هذا هو الغالب في الناس فيغار الله لجنابه إن لا يرى في مقام الاستهضام فيربي تلك الصدقة حتى تعظم فإذا جلاها في صورة تلك العظمة حصل المقصود فيد المعطي تعلو على يد الآخذ ولهذا قال تقع والوقوع لا يكون إلا من أعلى وقد قال ص لو دليتم بحبل لهبط على الله أي كما ينسب إلى العلو في الاستواء على العرش هو في التحت أيضا كما هو بكل شئ محيط للحفظ كما يحفظ محيط الدائرة الوجود أو نسبة الوجود على النقطة التي ظهرت عنها نسبة الإحاطة لوجود الدائرة المحيطة فله الفوق كما له التحت وله الظاهر كما له الباطن فهو المبايع والمبايع فإنه لا يبايع إلا بالسمع والطاعة والسمع لا يكون إلا هو والعمل بالطاعة لا يكون إلا له فهو السميع العامل لما أمر بعمله فلنذكر صورة البيعة ولنا فيها كتاب مستقل سميناه مبايعة القطب يتضمن علما كبيرا ما علمنا أنا سبقنا إليه وإن كان العارفون من أهل الله شاهدوه وعلموه ولكن شغلهم عن تبيينه للناس ما كان المهم عندهم كما كان إظهاره للناس من المهم عندنا إذ هذه الطائفة لا شغل لها إلا بالأهم هذا إذا لم يظهر بحكم القوة الإلهية فإذا ظهر بها لم يشغله شئ عن شئ إذ هو حق كله فاعلم ذلك إيضاح وبيان لمنصب البيعة وصورتها فاعلم إن الله سبحانه إذا ولي من ولاة النظر في العالم المعبر عنه بالقطب وواحد الزمان والغوث والخليفة نصب له في حضرة المثال سريرا أقعده عليه ينبئ صورة ذلك المكان عن صورة المكانة كما أنبأ صورة الاستواء على العرش عن صورة إحاطته علما بكل شئ فإذا نصب له ذلك السرير خلع عليه جميع الأسماء التي يطلبها العالم وتطلبه فيظهر بها حللا وزينة متوجا مبسورا مدملجا
(١٣٦)