الملأ الأعلى روح من هذه الأرواح الآمرة التي لها التقدم على غيرها كإسرافيل وإسماعيل وعزرائيل وجبريل وميكائيل والنور والروح وأمثالهم فإن العارف يكون له أثر في العالم العلوي والسفلي بقدر مرتبة ذلك الروح الذي يتولاه من هناك فمن تولاه إسرافيل يكون له من الأثر بحسب مرتبة إسرافيل وما يكون تحت نظره وأمره وكذلك كل روح بهذه المثابة له رجل أو امرأة على مقامه وهو الذي تسمعونه من الطائفة من أن فلانا على قلب آدم أو جماعة على قلب آدم وجماعة على قلب إبراهيم أي لهم من المنازل ما لإبراهيم وآدم من مقام الولاية التي لهم لا من مقام النبوة وإن كان لهم منها شرب فمن بعض مقاماتها لا كلها كالرؤيا جزء من أجزاء النبوة وغيرها وأما النبوة بالجملة فلا تحصل إلا لنبي وأما الولي فلا إلا أن يكون له من ظهره تمده وتقويه وتؤيده هكذا أخذتها مشاهدة من نفسي وأخبرت أن كل ولي كذا يأخذها من المكملين في الولاية ويترجم عنها ولكن من حجاب الظهر ويكون للنبي من الفوق أو من الأمام تنزل على قلبه أو يخاطب بها في سمعه فالولي يجد أثرها ذوقا وهو فيها كالأعمى الذي يحس بجانبه شخص ولا يعرف من هو ذلك الشخص ولهذا تقول الطائفة لا يعرف الله إلا الله ولا النبي إلا النبي ولا الولي إلا ولي مثله فالنبي ذو عين مفتوحة لمشاهدة النبوة والولي ذو عين مفتوحة لمشاهدة الولاية ذو عين عمياء لمشاهدة النبوة فإنها من خلفه فهو فيها كحافظ القرآن لأنه من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه ولم يقل في صدره ولا بين عينيه ولا في قلبه فإن تلك رتبة النبي لا رتبة الولي وأين الاكتساب من التخصيص فالنبوة اختصاص من الله يختص بها من يشاء من عباده وقد أغلق ذلك الباب وختم برسول الله محمد ص والولاية مكتسبة إلى يوم القيامة فمن تعمل في تحصيلها حصلت له والتعمل في تحصيلها اختصاص من الله يختص برحمته من يشاء قال تعالى إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء كما قال تعالى نهدي به من نشاء من عبادنا فبنور النبوة تكتسب الولاية فالأولياء هم ولاة الحق على عباده والخواص منهم الأكابر يقال لهم رسل وأنبياء ومن نزل عنهم بقي عليه اسم الولاية فالولاية الفلك المحيط الجامع للكل فهم وإن اجتمعوا في منصب الولاية فالولاة لهم مراتب فالسلطان وال على الخلق والقاضي وال والمحتسب وال وأين رتبة السلطان من مرتبة صاحب الحسبة وكلهم لهم الأمر في الولاية وهكذا ما ذكرناه في حق الأنبياء والرسل والأقطاب كل ولي على مرتبته فالسلطنة لا تحصل بالكسب جملة وما عداها يتعمل في تحصيلها فثم وال يقدم للسلطان خدمة من مال أو متاع فيوليه السلطان المنصب الذي يليق به وخدم عليه وهو بمنزلة من تحصل له الولاية من عند الله بالصدقة والقرض الحسن وصلة الرحم ومن الناس من يلازم خدمة السلطان في ركوبه وخروجه ويتعرض له فإذا أمر السلطان بأمر يفعل ما لم يعين أحدا بادر هذا الشخص لامتثال أوامر السلطان فيراه السلطان ملازما مشاهدته مبادرا لأوامره فيوليه فهذا بمنزلة من تحصل له الولاية من الله بمراقبته والمبادرة لأوامر الله التي ندب إليها لا التي افترضها عليه وهو قوله ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا فهذا معنى الكسب في الولاية وكذلك من تعرض للسلطان وخدمه عن أمره وواجهه بالأمر فرأى محافظته على الأوامر السلطانية التي أوجبها عليه لا يغفل عنها ولا يتأولها بل يأخذها على الوجوب ويسارع إليها ويسبق إلى امتثالها حين يبطئ عنها ويتأولها من هو معه في رتبته فيرى له السلطان ذلك فيوليه ويعطيه النيابة عنه في رعيته كذلك المسارع إلى ما أوجب الله عليه من الطاعات وافترضها عليه وأخذ أوامره على الوجوب ولم يتأول عليه كلامه ولا أمره فإن الله يصطفيه ويوليه أكبر ولآياته وقد عرفت الكسب ومحله والاختصاص وأهله فاسلك عليه فهو الباب الذي من دخل عليه نجا وتولى ودنا وتدلى ونودي بالأفق الأعلى واعلم أن الولي الذي تمتد إليه رقيقة روحانية جبرئيلية هو من الأمناء الذين لله تعالى في خلقه الذين لا يعرفون في الدنيا فإذا كان في الآخرة وظهرت منزلته هناك وما كان ينطوي عليه في هذه الدار مما لا يعرف هنا فإنه كان إما تاجرا في السوق أو بائعا صاحب حرفة أو صنعة أو واليا من ولاة المسلمين من حسبة أو قضاء أو سلطنة وبينه وبين الله أسرار لا تعرف منه فيقال عنه يوم القيامة عند ظهور ما كان عنده في الآخرة إن الله أمناء حيث كان هذا عندهم وما ظهروا به في الدنيا حين ظهر غيرهم بما أعطاه الله من الكشف بالكلام على الخواطر أو على
(١٤)