لتعمه الزينة علو أو سفلا ووسطا وظاهرا وباطنا فإذا قعد عليه بالصورة الإلهية وأمر الله العالم ببيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره فيدخل في بيعته كل مأمور أعلى وأدنى إلا العالين وهم المهيمون العابدون بالذات لا بالأمر فيدخل في أول من يدخل عليه في ذلك المجلس الملأ الأعلى على مراتبهم الأول فالأول فيأخذون بيده على السمع والطاعة ولا يتقيدون بمنشط ولا مكره لأنهم لا يعرفون هاتين الصفتين فيهم إذ لا يعرف شئ منهما إلا بذوق ضده فهم في منشط لا يعرفون له طعما لأنهم لم يذوقوا المكره وما منهم روح يدخل عليه للمبايعة إلا ويسأله في مسألة من العلم الإلهي فيقول له يا هذا أنت القائل كذا فيقول له نعم فيقول له في المسألة وجها يتعلق بالعلم بالله يكون أعلى من الذي كان عند ذلك الشخص فيستفيد منه كل من بايعه وحينئذ يخرج عنه هذا شأن هذا للقطب والكتاب الذي صنفته فيه ذكرت فيه سؤالاته للمبايعين له التي وقعت في زماننا لقطب وقتنا فإنها ما هي مسائل معينة تتكرر من كل قطب وإنما يسأل كل قطب فيما يخطر الله في ذلك الحين مما جرى لهذا الذي بايعه من الأرواح فيه كلام فأول مبايع له العقل الأول ثم النفس ثم المقدمون من عمال السماوات والأرض من الملائكة المسخرة ثم الأرواح المدبرة للهياكل التي فارقت أجسامها بالموت ثم الجن ثم المولدات وذلك أنه كل ما سبح الله من مكان ومتمكن ومحل وحال فيه يبايعه إلا العالين من الملائكة وهم المهيمون والأفراد من البشر الذين لا يدخلون تحت دائرة القطب وما له فيهم تصرف وهم كمل مثله مؤهلون لما ناله هذا الشخص من القطبية لكن لما كان الأمر لا يقتضي أن يكون في الزمان إلا واحد يقوم بهذا الأمر تعين ذلك الواحد لا بالأولوية ولكن بسبق العلم فيه بأن يكون الوالي وفي الأفراد من يكون أكبر منه في العلم بالله وهذا المنزل يتضمن مبايعة النبات من المولدات ويدخل فيه قوله في الأجسام الإنسانية والله أنبتكم من الأرض فنبتم نباتا فجاء في ذكرهم بالإنبات أنه أنبتهم ولم يؤكده بالمصدر وجاء بمصدر آخر ليعرف بأنهم نبتوا حين أنبتهم فأوقع الاشتراك بينه وبينهم في الخلق ينبه أنه لولا استعدادهم للانبات ما أثرت فيهم الأسماء فكان خروجهم من الأسماء والاستعداد فللأسماء قوله أنبتكم من الأرض وللاستعداد قوله نباتا لأن نباتا مصدر نبت لا مصدر أنبت فإن مصدر أنبت إنما هو إنبات فانظروا ما أعجب مساق القرآن وإبراز الحقائق فيه كيف يعلمنا الله في إخباراته ما هي الأمور عليه فيعطي كل ذي حق حقه إذ لا ينفذ الاقتدار الإلهي إلا فيمن هو على استعداد النفوذ فيه ولا يكون ذلك إلا في الممكنات إذ لا نفوذ له في الواجب الوجود لنفسه ولا في المحال الوجود فسبحان العليم الحكيم واعلم أن الإنسان شجرة من الشجرات أنبتها الله شجرة لا نجما لأنه قائم على ساق وجعله شجرة من التشاجر الذي فيه لكونه مخلوقا من الأضداد والأضداد تطلب الخصام والتشاجر والمنازعة ولهذا يختصم الملأ الأعلى وأصل وجوده في العالم حكم الأسماء الإلهية المتقابلة في الحكم لا غير هذا مستندها الإلهي قال تعالى في حق محمد ص إنه قال ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون حتى أعلمه الله تعالى فعلم إن للطبيعة فيهم أثرا كما إن للأركان في أجسام المولدات أثرا فلما كان الناس شجرات جعل فيهم ولاة يرجعون إليهم إذا اختصموا ليحكموا بينهم ليزول حكم التشاجر وجعل لهم إماما في الظاهر واحدا يرجع إليه أمر الجميع لإقامة الدين وأمر عباده أن لا ينازعوه ومن ظهر عليه ونازعه أمرنا الله بقتاله لما علم إن منازعته تؤدي إلى فساد في الدين الذي أمرنا الله بإقامته وأصله قوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فمن هناك ظهر اتخاذ الإمام وأن يكون واحدا في الزمان ظاهرا بالسيف فقد يكون قطب الوقت هو الإمام نفسه كأبي بكر وغيره في وقته وقد لا يكون قطب الوقت فتكون الخلافة لقطب الوقت الذي لا يظهر إلا بصفة العدل ويكون هذا الخليفة الظاهر من جملة نواب القطب في الباطن من حيث لا يشعر فالجور والعدل يقع في أئمة الظاهر ولا يكون القطب إلا عدلا وأما سبب ظهوره في وقت وخفاء بعضهم في وقت فهو إن الله ما جبر أحدا على كينونته في مقام الخلافة وإنما الله أعطاه الأهلية لذلك المقام وعرض عليه الظهور فيه بالسيف حسبما ما أمره فمن قبله ظهر بالسيف فكان خليفة ظاهرا وباطنا ما ثم غيره وإن اختار عدم الظهور لمصلحة رآها أخفاه الله وأقام عنه نائبا في العالم يسمى خليفة يجور ويعدل وقد يكون عادلا على قدر ما يوفقه الله سبحانه ويكون حكمه وإن كان جائرا حكم الإمام العادل من نازعه قتل ولا يقتل إلا الآخر فإنه المنازع وأمرنا الله أن لا نخرج يدا من
(١٣٧)