طاعته وأخبرنا أنه من عدل منهم فلهم وأن من جار منهم فعليهم ولنا ولما كان الإنسان شجرة كما ذكرناه نهى الله أول إنسان عن قرب شجرة عينها له دون سائر الشجرات كما هو الإنسان شجرة معينة بالخلافة دون سائر الشجرات فنبهه أن لا يقرب هذه الشجرة المعينة على نفسه وظهر ذلك في وصيته لداود ولا تتبع الهوى يعني هوى نفسه فهو الشجرة التي نهى آدم أن يقربها أي لا تقارب موضع النزاع والخلاف فيؤثر فيك نشأة جسدك الطبيعي العنصري يقول ذلك لنفسه الناطقة المدبرة فإن بها يخالف أمر الله فيما أمره به أو نهاه عنه فقوله هذه الشجرة بحرف الإشارة تعيين لشجرة معينة ولما كانت الإمامة عرضا كما كانت الأمانة عرضا والإمامة أمانة لذلك ظهر بها بعض الأقطاب ولم يظهر بها بعضهم فنظر الحق لهذا القطب بالأهلية ولو نظر الله للإمام الظاهر بهذه العين ما جار إمام قط كما تراه الإمامية في الإمام المعصوم فإنه من شرط الإمام الباطن أن يكون معصوما وليس الظاهر إن كان غيره يكون له مقام العصمة ومن هنا غلطت الإمامية فلو كانت الإمامة غير مطلوبة له وأمره الله أن يقوم فيها عصمه الله بلا شك عندنا وقد نبه رسول الله ص على ما قررناه كله فنبه على العرض بفعله حيث لم يجبر أحدا على ولاية بل ذكر أنه من تركها كان خيرا له وإنها يوم القيامة حسرة وندامة إلا لمن قام فيها بصورة العدل ونبه على عصمة من أمر بها بقوله فمن أعطيها عن مسألة وكل إليها ومن جاءته عن غير مسألة وكل الله به ملكا يسدده وهذا معنى العصمة والسؤال هنا إشارة إلى الرضاء بها والمحبة لهذا المنصب فهو سائل بباطنه وغيره ممن يكره ذلك يجبره أهل الحل والعقد عليها ويرى أنه قد تعين عليه الدخول فيها والتلبس بها لما يرى أن تخلف عنها من ظهور الفساد فيقوم له ذلك في الظاهر مقام الجبر الإلهي بالأمر على التلبس بها فيعصم فيكون عادلا إذ الملك الذي يسدده لا يأمره إلا بخير حتى القرنين كما قال ص إنه أعانه الله عليه فأسلم برفع الميم ونصبها وقال فلا يأمرني إلا بخير فمبايعة النبات هذا القطب هو أن تبايعه نفسه أن لا تخالفه في منشط ولا مكره مما يأمرها به من طاعة الله في أحكامه فإن الله قد جعل زمام كل نفس بيد صاحبها وأمرها إليه فقال وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى يعني نفسه وكذلك في داود ولا تتبع الهوى يعني نفسه فإنه لو كان هوى غيره نهى أن يتبعه فاتبعه فما يتبعه إلا بهوى نفسه فطاوع نفسه في ذلك فلذلك تعين أنه أراد بالهوى نفسه لا غيره وهو أن يأمره بمخالفة ما أمره الله به أن يفعله أو ينهاه عنه فإذا بايعته نفسه انصرف حكم شجريتها إلى منازعة من ينازع أمر الله فبقي حكم حقيقتها في المخالفين أمر الله إذ علم الله أن حقيقة الخلاف لا تزول فإنها شجرة لعينها فلو زال لزال عينها فلهذا عين الله لها مصرفا خاصا يكون فيه سعادتها وكل من عرف القطب من الناس لزمته مبايعته وإذا بايعه لزمته بيعته وهي من مبايعة النبات فإنها بيعة ظاهرة لهذا القطب التحكم في ظاهره بما شاء وعلى الآخر التزام طاعته وقد ظهر مثل هذا في الشرع الظاهر أن المتنازعين لو اتفقا على حكم بينهما فيما تنازعا فيه فحكم بينهما بحكم لزمهما الوقوف عند ذلك الحكم وأن لا يخالفا ما حكم به فالقطب المنصوب من جهة الحق أولى بالحكم فيمن عرف إمامته في الباطن من الناس ولهذا التحكم الذي قلناه منه في ظاهر من بايعه ألحقنا هذه المبايعة ببيعة النبات بل إن حققت الأمر واتبعت فيه الأصل وجدت النباتية في النفس الجزئية الناطقة لأنها ما ظهرت إلا من هذا الجسم المسوي المعدل وعلى صورة مزاجه فهي أرضه التي نبتت منه حين أنبتها الله بالنفخ في هذا الجسم من روحه وهكذا كل روح مدبر لجسم عنصري فالسعيد من عرف إمام وقته فبايعه وحكمه في نفسه وأهله وماله كما قال ص في حق نفسه لا يكمل لعبد الايمان حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين ولهذا يشترط في البيعة المنشط والمكره لأن الإنسان ما ينشط إلا إذا وافق الله هوى نفسه والمكره إذا خالف أمر الله هوى نفسه فيقوم به على كره لإنصافه ووفائه بحكم البيعة فإنه ما بايع إلا الله إذ كانت يد الله فوق أيديهم وما شاهدوا بالأبصار إلا يد هذا الشخص الذي بايعوه والنفس أبدا في الغالب تحت حكم مزاجها والقليل من الناس من يحكم نفسه على طبيعته ومزاجه فإن الأمومة للجسم المسوي والنبوة للنفس وقد أمر الإنسان بالإحسان لأبويه والبر بهما وامتثال أوامرهما ما لم يأمره أحد الأبوين بمخالفة أمر الحق فلا يطعه كما قال تعالى وإن جاهداك على إن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا
(١٣٨)