أصل عقلائي، فلا محالة يكون موضوع هذا الأصل العقلائي الممضي شرعا أوسع دائرة من البيع العرفي، ولا معنى لانشاء النقل بنظر الناقل في قبال انشائه بنظر العرف أو الشارع - كما عن المصنف العلامة (رفع الله مقامه) - حتى يقال إن نقل المعدوم - بما هو حتى في نظر الناقل - لغو محض، وذلك لأن الانشاء - بما هو انشاء ونحو من استعمال اللفظ في مفهومه ومعناه - ليس مما يختلف فيه الأنظار، بل النقل بوجوده الانشائي إذا تحقق فهو موجود في جميع الأنظار، وأما النقل الاعتباري فهو حيث إنه اعتباري يختلف باعتبار المعتبر، إلا أن البيع الحقيقي أمر اعتباري تسبيبي، ولا معنى للتسبب إلا إلى اعتبار العرف والشرع، فلا يعقل التسبب من المنشئ إلى اعتبار نفسه بانشائه، فإن الاعتبار مباشري من المعتبر وتسبيبي من غيره.
وعليه فليس الجامع بين الصحيح والفاسد عرفا إلا الانشاء الذي كان في موقع البيع، فإذا وجد انشاء من العاقل الشاعر الذي يريد المعاملة - المقصود منها غرض خاص - يحكم بصحته، سواء أحرز أنه قصد اتفاقا في هذه المعاملة الشخصية التبديل الاعتباري المتقوم بوجود المال، أو أحرز وجود المال المتقوم به البيع أو سائر ما له دخل في التبديل المعاملي عرفا أم لا، كما إذا أحرز أن الشخص بصدد تطهير الثوب، فإن الحكم بصحة عمله واضح وإن شك في أنه هل وصل الماء إلى الثوب حتى ينغسل به الثوب واقعا أم لا، مع أن وصول الماء مما له دخل عقلا في انغسال الثوب المرتب عليه الطهارة، وبقية الكلام في محله.
- قوله (قدس سره): (وبالجملة الفاسد شرعا الذي ينزه عنه... الخ) (1).
لا يخفى أن الصحة والفساد العارضين للمعاملات متقابلان بتقابل العدم والملكة، فليس الفاسد إلا ما لم يؤثر الأثر المترقب منه فيما كان من شأنه التأثير، وهذا المعنى من الصحة المقابلة للفساد هو مقتضى أصالة الصحة التي عليها مدار عمل العقلاء في معاملاتهم، دون صدور العمل قبيحا أو عدم صدوره قبيحا فإنه