معقول غير معقول، فاتعاب النفس في طريق الاستفادة من غرض الواقف غير مفيد.
وأما من يقول بأن البيع تمليك العين والإجارة تمليك المنفعة - من دون اشتراط الملكية في العين وفي المنفعة - فليس عنده اشكال في جوازهما في موقعه، وقد مر مرارا (1) صحة هذا المبنى، بداهة أن بيع الكلي صحيح لا شبهة فيه، مع أن المبيع غير مملوك لبائعه، وإجارة الحر عمل نفسه صحيح مع أنه غير مملوك له، فإن البيع لا بد في تحققه من كون البائع مالكا لأمر البيع لا للعين، وكذا الإجارة لا بد من تحققها من كون المؤجر مالكا لأمر الإجارة لا للعمل والمنفعة.
وعليه فكما يقال في الوقف الخاص ونحوه أن العين محبوسة عن التصرفات الناقلة بشخصها ما دام إليه سبيل وإلا فهي محبوسة بماليتها ببدلها، فالحبس لا يمنع عن التبديل مطلقا، بل فيما إذا أمكن إبقائها مع الانتفاع الذي هو عمدة غرض الواقف، فإنه به تكون العين صدقة جارية له، فإذا لم يكن مانع عن التبديل من قبل الواقف، بل استفيد تعلق غرضه بابقاء العين بماليتها - وقد أمضي شرعا - يجب ابقاء العين بماليتها المتوقف على التبديل، وهذا المعنى بعينه موجود في الأوقاف العامة، فيجب ابقاء الوقف بالتبديل، ولا فارق إلا ثبوت ملك العين في الأول وعدمه في الثاني، وقد مر أن عدم ملك العين غير مانع، وإنما اللازم السلطنة على البيع وقد استفيدت من حيث لزوم ابقاء [الوقف] (2) على حاله مهما أمكن، والمفروض إمكانه بهذا الترتيب.
ومنه يعلم حال الإجارة، بل هي أولى بذلك من البيع، لأنها ابقاء للوقف بزيادة التحفظ على العين بشخصها، فتمليك منافعها لكونه مما يتوقف عليه ابقاء العين الموقوفة على محبوسيتها بحيث ينتفع بها.
وأما مع قطع النظر عن هذا المبنى فلا مجال للبيع ولا للإجارة، إلا بتوهم أن معنى ملك الانتفاع ملك المنفعة باستيفائها بالمباشرة، إما بالشرط أو بغيره، والمنفعة