ثلثا الدية مخففة في مالهما، وإن أنكر الآخران القتل جملة، قال قوم لا يحلف عليهم لأنه لا يدري على ما يحلف، وإذا حلف لا يدري الحاكم بماذا يحكم، وقال آخرون يحلف لأنه ادعى قتلا فيحلف عليه، لأن جهلنا بصفة القتل ليس جهلا بوقوع القتل فلهذا حلفناه، فإذا حلف الولي حبس حتى يصف القتل لأنه قد ثبت عليه القتل فيلزمه أن يصف القتل.
الرابع قال قتله عمدا ومعه عدد لا أعرف مبلغهم عمدوا معه وذكر عددا يتأتى منهم الاشتراك في قتله، فهل يقسم على الأول؟ من قال لا يقتل بالقسامة لم يقسم عليه، لأن الواجب بيمينه الدية، وهو لا يدري قدر ما يلزمه منها، ومن قال يقاد بالقسامة، فمنهم من قال يحلفه لأنه إذا كان الواجب القود فلا يضر الجهل بمبلغ العدد، فإن على الكل القود، وقال آخرون لا يقسم لأنه قد يعفو عن القتل ولا يدري ما يخصه من الدية، فلهذا لا يحلف، ويقتضي مذهبنا أن لا يحلف لأنه لا يقاد منه إلا بشرط أن يرد الباقون ما يخصهم من ديته، وهذا مجهول.
هذا الكلام فيه إذ فصلناه عليه، فذكر نوع القتل أنه عمد ووصف العمد بما يوجب القود، فأما إن ذكر أنه عمد ثم وصفه بشبه العمد، فقال ضربه بسوط أو لكمه أو بعصا خفيفة فمات، فهل للولي القسامة أم لا؟ قال قوم لا يقسم، لأنه ادعى عمدا وفسره بشبه العمد، فأسقط الدية عن العاقلة بالدعوى وعن نفسه بالتفسير، فلا قسامة وقال آخرون له أن يقسم لأنه قد حقق الدعوى وإنما أخطأ في تفسير العمد فلا يسقط به دعواه، وهو الأقوى عندي.
إذا ادعى الولي القتل فاستحلفه الحاكم قبل تحرير الدعوى، وهو أن أخل بذكر القاتل أو نوع القتل أو بصفته أو بالكل، لم يعتد بهذه اليمين، لكنه يفصل عليه القتل وأنواع القتل والصفة فإذا تحررت أعاد اليمين.
وإنما قلنا لا نعتد باليمين الأولى، لأنه إذا لم تتحرر الدعوى كانت كلا دعوى ولو استحلفه قبل الدعوى لم يعتد بها، ولأنه إذا حلف لم يمكنه أن يحكم بما استحلفه عليه، ولهذا حلفه بعد التحرير.