إلى مدة فإن عاد سمعه وإلا فقد استقر صبرنا إلى ذلك الوقت، فإن لم يعد فقد استقرت الدية وإن كذبه الجاني فقال ما ذهب سمعه صيح به عند غفلاته وتأمل عند صوت الرعد، فإن ظهر أنه قد سمع فالقول قول الجاني، لأن الظاهر معه، ويلزمه اليمين لجواز أن يكون ما شوهد منه اتفاقا، فيحلف ليزول الاحتمال، وإن لم يحس بشئ أصلا فالقول قول المجني عليه، لأن الجناية قد حصلت والظاهر أنه صادق لأنه لو لم يفزع عند الصوت ولا يمكن إقامة البينة عليه، فالقول قوله مع يمينه، لجواز أن يكون ما سمع على سبيل الاحتراز والتجلد فحلفناه ليزول الإشكال.
فأما إن ذهب سمع إحداهما ففيها نصف الدية، فإن ذكر أنه قد نقص سمعه فلا سبيل إلى معرفة صدقه بحال ويكون المرجع فيه إليه أن يحلف أنه قد نقص ثم الحاكم يجتهد في إيجاب حكومة فيه بقدر ما نقص، فإن ذكر أنه نقص سمع إحداهما سددناها وأطلقنا الصحيحة وأقمنا رجلا يكلمه ويحدثه وهو يتباعد عنه إلى حيث يقول إنه لا يسمع ما يقول، فإذا قال هذا أعيد عليه الصوت والكلام، فإنه يبين كذبه.
فإذا عرفنا مدى صوته سددنا الصحيحة وأطلقنا العليلة، ولا يزال يكلمه حتى ينتهي إلى حيث يقول إنه لا يسمع، فإذا قال هذا أعيد عليه الكلام ليظهر صدقه، فإذا عرفنا هذا مسحنا المسافتين معا، ونظرنا ما بينهما، فأوجبنا عليه بالحصة من الدية وهذا مثل ما رواه أصحابنا من اعتبار الخرس من أربع جوانب.
فأما إن قطع أذنيه فذهب سمعه كله فعليه ديتان: دية في الأذنين، ودية في السمع.
[دية العقل] في العقل الدية بلا خلاف لقوله عليه السلام في كتاب عمرو بن حزم وفي العقل الدية وروى جابر عنه عليه السلام مثله، فإذا ثبت ذلك، فإن ذهب عقله كله ففيه الدية وإن ذهب بعضه: فإن كان مقدرا وإنما يعرف هذا بأن يجن يوما ويفيق يوما فيعلم أن نصفه قد ذهب أو يجن يوما ويفيق يومين، أو يجن يومين ويفيق يوما، فإذا كان معروفا بالزمان أوجبنا من الدية بحسابه، وإن كان الذاهب من عقله غير مقدر،