فالنصب إخبار عن شرع من قبلنا، والرفع استيناف حكم لنا، وقرء أبو عمرو " والجروح قصاص " والمعنى ما قلناه.
وروى أنس قال كسرت الربيع بنت معوذ وهي عمة أنس ثنية جارية من الأنصار فطلب القوم القصاص فأتوا النبي عليه السلام فأمر صلى الله عليه وآله بالقصاص فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك: لا والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله فقال: يا أنس كتاب الله القصاص فرضي القوم وقبلوا الأرش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره.
فموضع الدلالة أن النبي صلى الله عليه وآله قال " كتاب الله القصاص " وليس في الكتاب السن بالسن إلا هذا فثبت بالدليل بذلك أنه شرع لنا.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحل دم امرء مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس.
وروي عن أبي شريح الكعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.. ثم أنتم يا خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقله فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا قبلوا الدية.
كل شخصين تكافأ دماهما، واستوت حرمتهما، جرى القصاص بينهما، والتكافي في الدماء والتساوي في الحرمة أن يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه، فإذا تكافأ الدمان قتل كل واحد منهما بصاحبه، فيقتل الحر بالحر والحرة بالحرة، إذا ردوا فاضل الدية عندنا، وعندهم لا يرد، والحرة بالحر بلا خلاف، والعبد بالعبد، والأمة بالأمة، والأمة بالعبد، والعبد بالأمة، واليهودي بالنصراني، والمجوسي باليهودي والنصراني بالمجوسي، فالشرك كله ملة واحدة، ولهذا توارثوا كلهم بعضهم من بعض.
إذا قتل مسلم كافرا لم يقتل به، سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا، فالمعاهد هو الذمي، والمستأمن من دخل إلينا بأمان في رسالة أو حاجة من تجارة ونحوها، والحربي من كان مباينا مقاطعا في دار الحرب وفيه خلاف.