وأما إن جنى عليها فذهب بضوئها، والحدقة باقية بحالها، مثل أن لكمه أو لطمه أو دق رأسه بشئ فنزل الماء في عينيه، فعليه القود في الضوء لأن ضوء العين كالنفس، ويصنع بالجاني مثل ما صنع من لكمة أو لطمة أو ما فعل به عندهم، لا لأن هذا فيه القصاص، لكنه به يستوفي القصاص.
فإن ذهب البصر بذلك فلا كلام، وإن لم يذهب فإن أمكن أن يذهب به بعلاج كدواء يذر فيها، أو شئ يوضع عليها، فيذهب البصر دون الحدقة، فعل، فإن لم يمكن ذلك قرب إليها حديدة محمية حتى يذهب بصره، فإن لم يذهب وخيف أن يذهب الحدقة، ترك وأخذت دية العين لئلا يأخذ المجني عليه أكثر من حقه.
والذي رواه أصحابنا في هذه القضية أن يحمي حديدة ويبل قطن يوضع على الأجفان لئلا يحترق، وتقرب منه الحديدة حتى تذوب الناظرة وتبقى الحدقة.
إذا قتل الصبي أو المجنون رجلا فلا قصاص على واحد منهما لقوله عليه السلام " رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى ينتبه، وعن المجنون حتى يفيق، ويجب فيها الدية وما تلك الدية؟ قال قوم: هو في حكم العمد، وقال آخرون هو في حكم الخطأ، وهو مذهبنا.
فمن قال في حكم العمد، قال الدية مغلظة حالة في ماله، ومن قال في حكم الخطأ على ما نذهب إليه، قال الدية مخففة مؤجلة على العاقلة.
وأما السكران فالحكم فيه كالصاحي، وأما من جن بسبب هو غير معذور فيه مثل أن يشرب الأدوية المجننة، فذهب عقله فهو كالسكران.
إذا قطع ذكر رجل وأنثييه فعليه القود فيهما، لأن كل واحد منهما عضو له حد ينتهي إليه يقتص عليهما ويقطعهما مع تلك الجلدة، وأما الشفران فهما الأسكتان المحيطان بالفرج بمنزلة الشفتين من الفم، وهو للنساء خاصة، فظاهر مذهبنا يقتضي أن فيهما القصاص، ولا قود فيهما بحال عند قوم، لأنه لحم ليس له حد ينتهي إليه فهو كالأليتين ولحم العضد والفخذ، وعضلة الساق، فكل هذا لا قصاص فيه، ففي الشفرين الدية، وفي الذكر والأنثيين القصاص، فإن عفي ففي كل واحد منهما