إن أبرء العاقلة لم يصح لأنه لا حق له عليهم، وإن أبرء القاتل فقال أبرأتك عنها أو أطلق فقال أسقطت عقل هذه الجناية، كانت هذه وصية للقاتل، وهل يصح؟
على قولين، وقلنا إن عندنا يصح.
ذمي قتل مسلما خطأ فإن كان ثبوته بالبينة كانت الدية على عاقلته وفيه المسائل الثلاث وروى أصحابنا أن عاقلته الإمام، وإن كان باعترافه فالدية في ذمته، وفيه المسائل الثلاث، فإن كانت أبرء له فهي وصية للقاتل، فيكون على ما مضى من الخلاف.
ولا فصل بين الذمي والمسلم في هذا، لكن هناك فصل يخالف المسلم فيه، وهو أن المسلم إن كان له عاقلة فالدية على عاقلته، وإن لم يكن له عاقلة ففي بيت المال، والذمي إذا لم يكن له عاقلة فالدية في ذمته دون بيت المال عندهم، وقد قلنا ما عندنا فيه.
وفصلوا بينهما بأن المسلم عصبة المسلم، بدليل أنهم يرثونه إذا لم يكن له وارث، فلهذا عقلوا عنه، وليس كذلك الذمي لأنه إذا لم يكن له وارث نقل ما له إلى بيت المال فيئا لا ميراثا، وعندنا لا فرق بينهما في أن كل واحد منهما إذا لم يكن له وارث كان ميراثه للإمام، فلهذا عقل عنه.
إذا جنى عبد على حر جناية لها أرش مقدر، ونفرضها في الموضحة لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون عمدا أو خطأ، فإن كانت خطأ تعلق برقبة العبد خمس من الإبل أخماسا، فإن اشتراه المجني عليه من سيده بما تعلق له برقبته من الإبل فهل يصح أو لا؟ قال قوم يصح، وقال بعضهم لا يصح، لأن الثمن مجهول بدليل أن الإبل وإن كانت معلومة العدد والسن فإنها مجهولة النوع واللون، بدلالة أنه لو أسلم إليه في خمس من الإبل على هذا القدر من الصفة لم يصح، فإذا كان مجهولا كان باطلا، ومن قال يصح وهو الأقوى، قال: لأنه حق وهو مال مستقر يملك المطالبة به، فيصح أن يكون ثمنا في البيع كالدين المعلوم.
فمن قال البيع باطل فلا كلام، ومن قال: صحيح ملك المجني عليه العبد،