نصف الدية اعتبارا باللسان، وذلك أنه قد قطع الربع وشل ربع آخر بعد قطعه، لأنا اعتبرنا ذلك بالحروف، فوجدناها نصف الكلام، فعلمنا أنه قطع الربع وشل الربع الآخر، فأوجبنا نصف الدية ربعها بقطع ربعه، وربعها بشلل ربعه، فإذا ثبت هذا بانت فائدة الخلاف في التفريع.
وإذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام أخذ منه نصف الدية، فإن جاء آخر فقطع ما بقي منه وهو ثلاثة أرباعه فمن قال الاعتبار بأغلظ الأمرين، قال عليه ثلاثة أرباع الدية، ومن قال: الاعتبار بالمساحة، قال عليه نصف الدية في النصف الصحيح وحكومة فيما بقي وهو ربع لسانه، فإنا حكمنا بأن ربعه أشل.
وأما إن قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه ثم جاء آخر فقطع ما بقي، فمن قال بأغلظ الأمرين قال عليه ثلاثة أرباع الدية لأنه قد ذهب ثلاثة أرباع الكلام، ومن قال بالقول الآخر قال: عليه نصف الدية.
إذا قطع لسان صبي فإن كان قد بلغ حدا ينطق كلمة بعد كلمة، مثل قوله بابا وماما ونحوه، فقد علم أنه لسان ناطق، فإن قطع قاطع فعليه الدية كلها كلسان الكبير الناطق، وإن كان طفلا لا نطق له بحال كمن له شهر وشهران فكان يحرك لسانه لبكاء أو لغيره فما تغير باللسان ففيه الدية، لأن الظاهر أنه لسان ناطق فإن أماراته لا يخفى.
فإن بلغ حدا ينطق فلم ينطق فقطع لسانه ففيه حكومة لأن الظاهر أنه لا نطق له، فهو كلسان الأخرس غير أن عندنا فيه ثلث دية اللسان الصحيحة كالأخرس، فإن ترعرع الغلام واشتد فتكلم ببعض الكلام، بان لنا أنه لسان ناطق، وإن تأخر نطقه لعلة نعتبره بالحروف، فينظر كم قدر ما ذهب منها، فإن كان الذاهب ثلثها فله ثلث الدية، وقد قبض الحكومة من هذا الثلث، فيعطى معه كمال ثلث الدية.
في لسان الأخرس عندنا ثلث الدية، وعندهم فيه حكومة:
إذا قطع لسانه ثم اختلفا فقال الجاني لم يزل أبكم لا يقدر على الكلام، وقال المجني عليه بل كنت ناطقا، فلم يسلم أصل السلامة فالقول قول الجاني مع يمينه،